خرف الشباب :

قد يظهر الخرف عند الشباب ، أو ذوي الأعمار المتوسطة نتيجة لاضطرابات عصبية نادرة كالإصابة بورم دماغي ، أو اصابات مرتبطة بمرض نقص المناعة المكتسبة ( الإيدز ) ، وقد سجلت حالات تناقل الخرف في بعض الأسر .

كذلك قد تلعب بعض الأمراض دورا في الإصابة بالخرف ، ومن أبرزها الزهايمر وهو أكثر أسباب الخرف شيوعا ، والذي خلاله تتغير بنية الدماغ وكيميائيته ما يؤدي إلى موت الخلايا الدماغية .

كذلك قد يؤدي المرض الوعائي إلى الخرف ، فالدماغ يعتمد على شبكة من الأوعية توصل إليه الدم المؤكسج ، فإن توقف إمداد الدماغ بالأوكسجين من المرجح عندئذ أن تموت الخلايا الدماغية ، ما قد يؤدي إلى ظهور أعراض الخرف الوعائي ، وقد تظهر هذه الأعراض فجأة بعد الإصابة بسكتة دماغية ، أو مع مرور الوقت بعد سلسلة من السكتات الدماغية الصغيرة .

أما فيما يتعلق بالخرف الجبهي الصدغي ، فيتركز الضرر في هذه الحالة في الجزء الأمامي من الدماغ ، وفي البداية تتأثر الشخصية والسلوك أكثر من الذاكرة .

عوامل الإصابة :

يحدث الخرف لأسباب متعددة منها حدوث تلف في المخ ناتج عن ضيق وتصلب الشرايين التي تزود المخ بالدم ، حيث يؤدي نقص الدم في خلايا المخ إلى تلفها وموتها في كثير من المناطق الصغيرة فيه .

وفي بعض الأحيان يكون التلف الشرياني والتقدم الطبيعي للعمر سببين رئيسيين لخرف الشيخوخة ، والذي يتجلى غالبا في أحد أكثر أنواع الخرف شيوعا وهو الزهايمر .

توضح الدراسات العديدة التي أجريت حول مرض الزهايمر التأثيرات الكبيرة التي يحدثها على نسيج المخ حيث يصبح المخ منكمشا نتيجة فقدان الخلايا العصبية ، وتصبح المسالك العصبية مشوهة بسبب ترسبات بروتين يدعى " الأميلويد " في المخ .

تصرفات غريبة :

قد تكون أعراض الخرف المبكرة خفيفة جدا حيث يصعب حتى على الطبيب المختص ملاحظتها ، لكن بعض المحيطين بالمصاب لابد أن يلاحظوا وجود تغير ما في شخصيته ، إذ تبدأ الحالة بفقدان تدريجي للذاكرة ، وخاصة عدم القدرة على تذكر الأحداث القريبة التي

وقعت قبل ساعات أو أيام قليلة ، مع العلم أن المصاب يستطيع أن يتذكر ما حصل منذ عدة سنوات مضت ، وبمرور الأيام تتناقص قدرته على الفهم والإدراك بشكل سليم ، ويبدأ في فقدان متعته بالمشاركة في النشاطات حتى البسيطة منها ، كمشاهدة التلفاز أو

متابعة أخبار الأقرباء والأصدقاء ، وشيئا فشيئا تتدهور شخصيته تماما ، وقد يصبح عدوانيا أو غير مبال بأي شيء ، وقد يضحك أو يبكي لأتفه الأسباب .

أما الغرابة في تصرفاته والتي لا يمكن التنبؤ بأسبابها فتصبح فيما بعد واضحة ، وقد تصدر من المريض سلوكيات غير اجتماعية وغير مهذبة أحيانا ، مع عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية .

ويلجأ بعض المرضى إلى العنف في تصرفاتهم ، وفي الحالات المتقدمة تصاب عضلات الجسم بالتصلب ، وتصبح كل الحركات بطيئة مع الارتباك في تنفيذها ، وقد يفقد المصاب في النهاية جميع القدرات على الفهم والتفكير والنطق والحركة ، لكن ذلك لا يحدث عادة قبل مرور سنين عديدة على بدء الإصابة .

تشخيص المشكلة :

قد يكون تشخيص الخرف أمرا في غاية الصعوبة ، وقد يتطلب ذلك زيارات متعددة إلى عيادة الطبيب الذي ربما يتوصل إلى تشخيص الإصابة بالخرف في حالة توفر اثنين أو أكثر من المظاهر الواضحة التي تدل على قصور وظائف الدماغ ، بدون فقدان الوعي ، ومن بين تلك المظاهر فقدان الذاكرة والمهارات اللغوية معا .

ويبدأ الطبيب في استعراض ومراجعة التاريخ الطبي للمريض ، كما يحتاج للتحدث مع أهل وأصدقاء المريض ، فهؤلاء الناس يمكنهم تقديم معلومات عن التغيرات التي لاحظوها على الشخص المريض ، كما يجري الطبيب فحصا جسديا للمريض من بين أهدافه التحري عن علامات تشير إلى حدوث سكتة ، أو اضطرابات أخرى ، وتجرى كذلك صور للدماغ وفحوصات أخرى في محاولة لمعرفة العوامل التي تساعد الطبيب على تشخيص إصابة الشخص بالخرف من عدمها .

... وعلاجها :

في حال ظهور دلائل على إصابة أحد الأشخاص بالخرف ، يجب عندها إقناعه بمراجعة الطبيب المختص ، وذلك بطريقة لطيفة خالية من العنف ، حيث سيجري له الطبيب الفحوصات الجسدية والعقلية والمخبرية اللازمة ، وسيبحدث في نقص فيتامين ب12 ، الذي

يمكن أن يكون السبب في التلف الدماغي ، وعندما يتأكد الطبيب من التشخيص سيصف العلاج المناسب تبعا لسبب الإصابة بالخرف من أجل تخفيف المشكلات المرتبطة بهذا المرض ، وبشكل عام تختلف قابلية الاستجابة للعلاج ونسبة التحسن من شخص إلى آخر .

إن فقدان المصابين بالخرف لكثير من قدراتهم العقلية والجسدية يجعلهم أكثر عرضة للحوادث من غيرهم ، وخاصة إذا كانت لديهم مشكلة في السمع والبصر أيضا ، لذلك نجد المصاب بالخرف يحتاج إلى المساعدة في السير وأثناء الذهاب للنوم ، أو خلال الاستحمام .


وبدون مراقبته ومساعدته نجده لا يستطيع أن يتناول الطعام بشكل صحيح ، كما لا يتمكن وحده من أخذ أدويته ، كما يجب ، وبالنتيجة يكون المصاب في حاجة للمساعدة مع حاجته للعلاج .