النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: مَـثـلُ نـورِ الله فـي قـلـبِ عـبـدهِ الـمـؤمِـنْ

  1. 1
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    1,276
    الحب خالد غير متواجد حالياً

    Arrow مَـثـلُ نـورِ الله فـي قـلـبِ عـبـدهِ الـمـؤمِـنْ

    ضرب الله سبحانه وتعالى النور في قلب عبده مثلاً لا يعقله إلا العالمون، فقال سبحانه وتعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قال أبيُّ بنُ كعب : «مَثَلُ نُورِه في قلب المسلم».

    وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه مِنْ معرفته ومحبته والإيمان به وذكره، وهو نوره الذي أنزله إليهم، فأحياهم به، وجعلهم يمشون به بين الناس، وأصلُه في قلوبهم، ثم تَقْوَى مادته، وتتزايد حتى تظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم، بل ثيابهم ودُورهم، يُبْصِرُه مَنْ هو مِنْ جنسهم، وسائر الخلق له منكرون.

    فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور، وصار بأيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجِسْر حتى يقطعوه، وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا، فمنهم من نوره كالشمس، وآخر كالقمر، وآخر كالنجم، وآخر كالسراج، وآخر يُعْطَي نوراً على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذ كانت هذه حال نوره في الدنيا، فأُعْطِىَ على الجسر بمقدار ذلك، بل هو نفس نوره ظهر له عياناً، ولما لم يكن للمنافق نور ثابت في الدنيا، بل كان نوره ظاهراً، لا باطناً = أُعطِى نوراً ظاهراً مآله إلى الظلمة والذَّهاب.

    وضرب الله عز و جل لهذا النور، ومحلِّه، وحامله، ومادته مثلاً بالمشكاة، وهي الكُوَّة في الحائط، فهي مثل الصَّدْرِ، وفي تلك المشكاة زجاجة من أصفى الزجاج، وحتى شُبِّهت بالكوكب الدُّرِّيِّ في بياضه وصفائه، وهي مثل القلب، وشُبِّه بالزجاجة لأنها جمعت أوصافا هي في قلب المؤمن، وهي: الصفاء، والرقة، والصلابة، فيرى الحق والهدى بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة بِرقَّتِه، ويجاهد أعداء الله تعالى، ويغلظ عليهم، ويشتد في الحق، ويصلب فيه بصلابته، فلا تُبْطِل صفةٌ منه صفةً أخرى، ولا تعارضها، بل تساعدها وتُعاضِدُها، ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ وقال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾.
    وفي أثرٍ: «القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها».

    وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض :

    أحدهما : قلبٌ حَجَرِيٌّ قاسٍ لا رحمة فيه، ولا إحسان ولا بِرّ، ولا له صفاء يَرى به الحق، بل هو جبارٌ جاهل؛ لا عالمٌ بالحق ولا راحمٌ للخلق.

    وبإزائه : قلبٌ ضعيف مائيّ، لا قوة فيه، ولا استمساك، بل يَقْبَل كل صورة، وليس له قوة حفظ تلك الصُّور، ولا قوة التأثير في غيره، وكلُّ ما خالطه أثَّر فيه، من قويٍّ وضعيف، وطيِّبٍ خبيث.

    وفي الزجاجة مصباح، وهو النور الذي في الفتيلة، وهي حاملته، ولذلك النورِ مادّةٌ، وهي زيتٌ قد عُصِر من زيتونةٍ في أعدل الأماكن، تصيبها الشمس أول النهار وآخره، فزيتُها من أصفى الزيت وأبعده من الكدر، حتى إنه ليكاد من صفائه يضيء بلا نار، فهذه مادة نور المصباح.

    وكذلك مادة نور المصباح الذي في قلب المؤمن، هو من شجرة الوحي التي هي أعظم الأشياء بركة، وأبعدها من الانحراف، بل هي أوسط الأمور وأعدلها وأفضلها، لم تنحرف انحراف النصرانية، ولا انحراف اليهودية، بل هي وسط بين الطرفين المذمومين في كل شيء، فهذه مادة مصباح الإيمان في قلب المؤمن.
    ولما كان ذلك الزيت قد اشتد صفاؤه حتى كاد أن يضيء بنفسه، ثم خالط النار، فاشتدت بها إضاءته، وقويت مادةُ ضوءِ النار به = كان ذلك نوراً على نور.

    وهكذا المؤمن قلبه مضيء يكاد يعرف الحق بفطرته وعقله، ولكنْ لا مادة له من نفسه، فجاءت مادة الوحي فباشرت قلبه، وخالطت بشاشته، فازداد نورا بالوحي على نوره الذي فطره الله تعالى عليه، فاجتمع له نور الوحي إلى نور الفطرة، نورٌ على نور، فيكاد ينطق بالحق وإن لم يسمع فيه أثراً، ثم يسمع الأثر مطابقاً لما شهدت به فطرته، فيكون نوراً على نور، فهذا شأن المؤمن يدرك الحق بفطرته مجملاً، ثم يسمع الأثر جاء به مفصلاً، فينشأ إيمانه عن شهادة الوحي والفطرة.

    فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة، ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة، فَذَكَر سبحانه وتعالى نورَه في السموات والأرض، ونورَه في قلوب عباده المؤمنين، النورَ المعقولَ المشهودَ بالبصائر والقلوب، والنورَ المحسوسَ المشهود بالأبصارِ، الذي استنارت به أقطار العالم العُلْوي والسُّفْلِي، فهما نوران عظيمان، أحدهما أعظم من الآخر.

    وكما أنه إذا فُقِد أحدهما من مكان أو موضع، لم يَعِشْ فيه آدميُّ ولا غيرُه؛ لأن الحيوان إنما يتكوَّن حيثُ النور، ومواضعُ الظلمة التي لا يشرق عليها نورٌ لا يعيشُ فيها حيوانٌ، ولا يتكوَّنُ ألبته = فكذلك أمة فُقِد منها نور الوحي والإيمان ميتة، وقلبٌ فُقِد منه هذا النور ميّتٌ ولا بُدّ، لا حياة له ألبتة، كما لا حياة للحيوان في مكانٍ لا نور فيه.
    ========================



    للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله





    من كتاب الوابل الصيب 119

    قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله تعالى- :
    "اصبر نفسك على السنة ؛ و قف حيث وقف القوم ؛ و قل بما قالوا ؛ و كف عما كفوا ؛ و اسلك سبيل سلفك الصالح ؛ فإنه يسعك ما وسعهم "
    قال ابن عمر - رضي الله عنهما - :" كل بدعة ضلالة ؛ و إن رآها الناس حسنة"


  2. 2
    مشرف سابق
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    معدل التقيم
    17
    التعليقات
    1,517
    عبدالله الشحي غير متواجد حالياً

    افتراضي

    جزاك الله خيرا

  3. 3
    عضو مبدع
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    معدل التقيم
    15
    التعليقات
    292
    جليبيب غير متواجد حالياً

    افتراضي

    وفي أثرٍ: «القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها».
    فليتأمل اللبيب هذه الآية العظيمة، ومطابقتها لهذه المعاني الشريفة، فَذَكَر سبحانه وتعالى نورَه في السموات والأرض، ونورَه في قلوب عباده المؤمنين،
    جزاك الله خيرا

    ورحم الله ابن القيم

    [أيها الناس! إنما يراد الطبيب للوجع الشديد، ألا فلا وجع أشد من الجهل، ولا داء أخبث من الذنوب، ولا خوف أخوف من الموت.


    (عمر بن عبدالعزيز )


    المصيبة العظمى رضا الإنسان عن نفسه، واقتناعه بعلمه، وهذه محنة قد عمت أكثر الخلق.(ابن الجوزي)

  4. 4
    إدارة المنتدى - مسندم نت
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    معدل التقيم
    36
    التعليقات
    21,266
    قصيد غير متواجد حالياً

    افتراضي

    جزاك الله خير الجزاء ع الموضوع الراااائع

    موضوع قيم



    قصيد


  5. 5
    مشرف المنتدى الاسلامي
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    729
    كمزاري غير متواجد حالياً

    افتراضي

    فكذلك أمة فُقِد منها نور الوحي والإيمان ميتة، وقلبٌ فُقِد منه هذا النور ميّتٌ ولا بُدّ، لا حياة له ألبتة، كما لا حياة للحيوان في مكانٍ لا نور فيه.
    جزاك الله خيرا على هذا النقل القيم من ابن القيم.. ورحمه الله رحمة واسعة

  6. 6
    مشرفة سابقة
    تاريخ التسجيل
    Jan 2011
    معدل التقيم
    18
    التعليقات
    3,586
    كلوديااا غير متواجد حالياً

    افتراضي

    سبحان الله
    وصف القرآن وصف دقيق ووصف اعجازي
    اللهم اجعل قلوبنا عامرة بذكرك و اجعل نبضها في خدمة دينك و سكونها في سبيلك
    الله يجزاك الخير اخي
    طرح قيم وهادف وتفسير ابن القيم جدا مميز


  7. 7
    مشرف قسم الطب والصحة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    العمر
    39
    معدل التقيم
    24
    التعليقات
    9,154
    فتى الجادي غير متواجد حالياً

    افتراضي

    جزاك الله خيرا
    تسلم على الموضوع
    ساكتب على قبري اني اهواك لانهم قاتلوني على ان انساك* يا من ملكت قلبي وروحي * يا من سحقت الاقزام وصغرت الكبار * يا من اعطيتي شغفا وحبا وعشقا * حبي لك يا ريال مدريد

  8. 8
    إدارة المنتدى - مسندم نت
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    1,872
    أمة الله غير متواجد حالياً

    افتراضي

    وفي أثرٍ: «القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها».
    ويامقلب القلوب ثبت قلوبنا ع طاعتك,
    بارك الله فيك ونفع بك~
    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    " من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس " رواه الترمذي .

  9. 9
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    1,276
    الحب خالد غير متواجد حالياً

    افتراضي

    جزاكم الله خير

    قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله تعالى- :
    "اصبر نفسك على السنة ؛ و قف حيث وقف القوم ؛ و قل بما قالوا ؛ و كف عما كفوا ؛ و اسلك سبيل سلفك الصالح ؛ فإنه يسعك ما وسعهم "
    قال ابن عمر - رضي الله عنهما - :" كل بدعة ضلالة ؛ و إن رآها الناس حسنة"


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •