رحلة البتيل
أشرقت شمس الأحد 28 نوفمبر 2010 على محافظة مسندم لتكشف عن حركة ليست بالاعتيادية في ولاية خصب تكاد تكون شوارع الولاية أشبه بخلية النحل المواطنين في كل مكان والمحافظه بأكملها في حالة استنفار نعم حالة استنفار والتجمع ميناء خصب حيث تجمع حشد كبير من الأهالي وحتى المقيمين لتبدأ مسيرة غفيرة متجهة من ميناء خصب إلى شاطئ بصه لتبدأ احتفالات تدشين رحلة الولاء والعرفان لكنني لن أدخل في تفاصيل الحفل لأنني على يقين من أن الجميع شهد الحفل.
لكنني سأبدأ مباشرة من إنطلاق الرحلة ففي الساعة العاشرة صباحا توجه الجميع نحو قوارب البتيل الأربعة الراسية على شاطئ بصه لتوديع الرحلة وليتمنوا لبحارتها التوفيق في رحلتهم الميمونه وما ان ارتفعت أشرعة القوارب الأربعة حتى بدأت حركة القوارب متجهة نحو مسقط العامرة تحت أنظار أهالي المحافظة وعلى رأسهم سعادة السيد / سعود بن هلال البوسعيدي ورافقت إنطلاق الرحلة زغاريد النساءالمودعات للرحلة وللحظة كأننا عدنا بالزمن للوراءلأيام الزمن الجميلأيام السفر الشاق والممتع والمجهول في آن واحد.
إنطلقت الرحلة تحفها دعوات أهالي البحارة بل دعوات جميع الأهالي متمنين لهم التوفيق بإذن الله.
وهنا نتذكر مسيرة الرحلة التي استغرقت 4 أيام و3 ليالي وفي مقالي هذا سوف أحاول أن انشر للجميع عن ما حدث في الرحلة من أحداث ولنجعل من كل يوم محطة .
المحطة الأولى ( اليوم الأول )
بدأت الرحلة في الساعة العاشرة صباحا كما ذكرت آنفا ومنذ البداية ظهر التحدي فقد حدثت أسوء المخاوف فالأشرعة لا تكاد تتحرك وذلك بسبب قلة الهواء وتحركت الرحلة ببطئ لكن البحارة رفضوا الاستسلام فبدأو بالتجديف لمساعدة الأشرعة كي تتحرك القوارب حيث كان من المقرر أن تصل الرحلة إلى ليما حوالي الساعة الرابعة أو الخامسة عصرا ولكننا بهذا البطئ قد نتأخر وبالفعل وصلنا ليما في الساعة السابعة والنصف مساء وهذا التأخير لم يكن في صالح الرحلة وفي هذا الوقت قمنا بتبديل قوارب المساندة, ويا للمفاجأة أحد القوارب يشكو من عطل والماء يتسرب إلى داخله وهذا يعني إما الوقوف والمبيت في ليما وفي الصباح يتم إصلاح القارب أو الاستمرار وهذا يهدد يغرق القارب فالعطل لم يكن بسيطا والأسوء أننا متأخرون في الجدول الزمني فقررنا الميت في ليما ولكن ظهر رأي ثالث وبإصرار حيث قام الحاج صالح بن زيد بن محمد الشحي وهو أحد صناع قوارب البتيل وفي نفس الوقت هو الحرفي المصاحب للرحلة تحسبا لأي طارئ وقام برفض فكرة المبيت وأصر أن يصلح البتيل في ساعته حتى لا تتأخر الرحلة عن جدولها المتوقع وبالفعل تحامل الحاج صالح على سنه وقام بإصلاح القارب وفي وقت وجيز حيث أنجز المهمة في ساعة واحدة وبعدها إنطلقت الرحلة من ليما في حوالي الساعة التاسعة مساءا ولم تتوقف طوال تلك الليلة من أجل استدراك ما ضاع من وقت.
المحطة الثانية ( اليوم الثاني )
أشرقت علينا شمس اليوم الثاني يوم الاثنين الموافق 29/11/2010 وفي بداية هذا اليوم لم تكن هناك رياح فاضطر البحارة لاستخدام المجاديف للإبحار ولكن بعد أخذ وجبة الإفطار أتت الأخبار السعيدة فقد هبة الرياح وأصبحت مواتية جدا لأشرعة البتيل وبالفعل القوارب تسير بسرعة جيدة وتتحرك نحو رحلتها بثقة ونحن سعداء جدا بما تحقق حتى الساعة حيث أن الجدول الزمني تحسن عن اليوم السابق وفي هذا اليوم لم نواجه أية مشاكل وقضينا طول اليوم بالابحار وكذلك جزء من الليل حتى وصلنا في منتصف الليل إلى المصنعة حيث توقنا هناك وبدتنا ليلتنا في مدينة الألعاب الأولمبية الشاطئية. لم نواجه أية أحداث أو صعوبات في هذا اليوم وكان الإبحار ممتعا جدا.
المحطة الثالثة ( اليوم الثالث )
في صباح اليوم الثالث يوم الثلاثاء الموافق 30/11/2010 قمنا بتزويد قوارب المساندة بالماء والوقود اللازمين للرحلة وقبل التحرك تم اكتشاف عيب في أحد القوارب ولكن هذه المرة المشكلة بسيطة فقام الحاج صالح بإصلاح العطب ومن ثم تحركنا مكملين هذه الرحلة التي أقل ما يقال عنها أنها رائعة بكل المقاييس فكل شي في محلة ونحن نسير حسب الجدول الزمني للرحلة والرياح مواتيه ومن الأمور التي تدل على حماس البحارة ورغبتهم في اكمال الرحلة بالشكل المطلوب أنه في الساعة الثالثة عصرا طلبنا من البحارة الصعود لظهر قوارب المساندة لتناول وجبة الغداء ولكنهم رفضوا وبشدة وذلك لأن الرياح كانت تدفع الأشرعة بشكل رائع وطلبوا تأجيل الوجبة حتى وقت العشاء ولكن هذا الأمر قوبل بالرفض من اللجنة المسؤلة عن الرحلة فالأهم دائما سلامة البحارة وصحتهم فنزل الجميع لتناول الغداء ثم أداء صلاتي الظهر والعصر وبعدها نزل الجميع إلى قواربهم لإكمال الرحلة .
وصلت الرحلة إلى السيب في منصف تلك الليلة وبدتنا ليلتنا فيها. كل الأمور جيدة وكل شيء في محلة.
المحطة الرابعة ( اليوم الرابع )
قبل طلوع فجر يوم الأربعاء الموافق 1/12/2010 كان الجميع على أهبة الاستعداد لإنطلاق الرحلة فهذا هو يوم التتويج اليوم الختامي بالفعل ارتفعت الأشرعة عالية معلنة أنها قادرة على التحدي وأن الصعاب والمستحيل ليست عوائق في وجه أبناء مسندم أبناء من عاشوا على أرض المطرقة والسندان على رجال زرعوا صم الجبال وخاضوا عباب اليم. انطلقت المحطة الختامية من الرحلة ومضت بشكلها المطلوب وما ان اقتربت من شاطئ القرم حتى لاحت الفرحة على أوجه جميع من قاموا بهذه الرحلة من بحارة ونواخذه وطاقم مصاحب صحيح أن الرحلة تأخرت حوالي الساعة عن موعد وصولها وهذا الأمر لابد منه فنحن نبحر بواسطة الشراع تدفنا الرياح وهذا الأمر من الصعب التحكم به وبوصول القوارب إلى شاطئ القرم نزل جمع من الحضور لاستقبال الرحلة الميمونة رحلة الولاء والعرفان كما قام راعي حفل الاستقبال من مكانه وتقدم نحو البحارة مصافحا لهم وقام بتهنئتهم بالوصول الميمون فلم ينتظر أن يصلوا إليه بل هو سارع إليهم تكريما منه لهم ولجهودهم الجبارة التي قاموا بها في هذه الرحلة.
نعم وصلنا بعد أربعة أيام وثلاث ليالي رحلة بدأت بتفكير ثم تخطيط وبعدها الجزء الأصعب ألا وهو التنفيذ وبالفعل أثبت رجال مسندم أنهم يقبلون التحدي لأنهم رجال لا تثنيهم الصعاب.
شكر وعرفان
يعجز اللسان عن شكر كل من قام على هذه الرحلة بداية من البحارة والنواخذة وأصحاب القوارب وفي مقدمة الجميع سعادة السيد / سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسندم لدعمه للرحلة وجهوده الكبيرة من أجل انجاحها
والشكر موصول لأسود البحر شرطة عمان السلطانية المتمثلة بالمديرية العامة لخفر السواحل حيث لم يفارقوا القوارب طرفة عين حرصا على سلامة الرحلة من نقطة إنطلاقها حتى وصولها لمسقط العامرة كذلك وجب الشكر لكل من:
- وزارة الداخلية
- وزارة السياحة
- الشركة الوطنية للعبارات
- الشركة العمانية للاتصالات عمانتل
- الشركة العمانية القطرية للاتصالات النورس
- الراعي الإعلامي مسندم .نت
آملا أن أكون وفقت في إيصال فكرة ولو مبسطة عن ما جرى في الرحلة .
كما أحب أن أذكر كوني صاحبت الرحلة من أجل التغطية الإعلامية أنه لشرف كبير لي أنني شاركت ولو بجزء بسيط في رحلة الولاء والعرفان.
ملاحظة لدينا صور لا تحصر عن الرحلة سوف يتم نشرها في حينها لكي يتسنى للجميع مشاهدة أحداث الرحلة.
المفضلات