كلمة الشباب في احتفالية يوم الشباب العماني بمحافظة مسندم *




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ الأمينِ، وعلى آلِه وصحبِه والتابعين.
صاحبَ السموِّ السيد فهر بن فاتك آل سعيد – راعي الحفل
أصحابَ المعالي والسعادة
الحضورُ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


إن لكلٍّ منا دورَه المناطَ به عبر مراحلِ عمرِه المختلفةِ، ومع تغيرِ رقمِ السنواتِ يستمر العملُ والعطاءُ، إنما تختلفُ أشكالُه وصورُه، وبذلك يتاح لنا جميعا صغارا وكبارا .. شبابا ويافعين المشاركة في عملية التنمية والبناء في بلادِنا على مختلفِ الأصعدةِ والميادين؛ كلٌّ في مجالِه وحسب خبراتِه ومعارفِه ، فالأفكارُ العظيمةُ وحدَها لا تكفي للتنميةِ، إنما تقاسُ بنتاجِها ومكتسباتِها على هذه الأرضِ المعطاء، وهذا ما أكد عليه الأبُ القائدُ – جلالة السلطان قابوس المعظم - حفظه الله ورعاه - بالقول : ( إن الذي تحقق على هذه الارض العمانية أعلى وأقوى صوتا من أي أقوال ، وإن الذي أُنْجِزَ أروعُ وأصدقُ من أي كلام ).
إن ثروةَ الوطنِ الحقيقيةَ ونفطَها الذي لا ينضب هم شبابُها ومواطنوها .. ثروتُها البشريةُ التي تعدُّ مِحورَ تنميتِها ومدارَ تقدمِها ورقيها؛ وهي حقيقةٌ تنبه لها جلالةُ سلطانِ البلادِ المفدى مع بدايةِ النهضةِ المباركةِ بقوله عام 1970: (... ومن هنا تنشأ الحقيقةُ بأن تعليمَ شعبِنا وتدريبَه يجب أن يكون بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ لكي يصبحَ في الإمكانِ في المدى الأبعد، حكمُ البلادِ بالعمانيين للعمانيين).


لقد أوفى جلالتُه – حفظه الله ورعاه – بما وعد به شعبَه ووطنَه ؛ فها هو الشبابُ العمانيُّ المؤهلُ يتسنم مختلفَ المناصبِ والوظائفِ في شؤونِ الدولةِ الحديثةِ ، مؤكدا نجاعةَ الادخارِ ، وصحةَ الاستثمارِ في تعليمِ أبناءِ شعبِه وتأهيلِهم ، ولعل الخبرَ الذي طالعتنا به وكالاتُ الأنباءِ العالميةُ منذ أيامٍ بتربعِ إحدى الشاباتِ العمانياتِ من خريجاتِ جامعةِ السلطانِ قابوسَ ضمنَ الفريقِ العلميِّ للبروفسور اليابانيِّ الفائزِ بجائزةِ نوبلَ في الطبِّ هذا العامَ هو غيضٌ من فيضِ إبداعاتِ الشبابِ العمانيِّ وتفوقِهم في مختلفِ المجالاتِ متى ما أُجيدَ تعليمُهم وأُحسنَ تدريبُهم.

إن مثلَ هذه النماذجِ المشرقةِ للشبابِ العمانيِّ في مواقعِ العملِ والإنتاجِ لعلها تعطي مؤشرا واقعيا ملموسا لأربابِ العمل في القطاعين العام والخاص بأن أبناءَ البلدِ كانوا -ومازالوا- هم الدعامةَ الرئيسةَ والضمانةَ الحقيقيةَ لكلِّ تنميةٍ يُسعى لها، وكلِّ تقدمٍ يُتطلعُ إليه .


وفي يومِ الشبابِ هذا نستذكرُ بكل عرفانٍ وفخرٍ توجيهَ الأبِ القائدِ في عامِ الشبابِ حين قال – حفظه الله ورعاه : ( نأمل إن عام الشباب، ومن قبله عامُ الشبيبة، ما هو إلا دعوةٌ صادقةٌ إلى الاهتمامِ بالإنسانِ العمانيِّ الذي هو صانعُ الحضارةِ ، وهدفُ التنميةِ ، وأداةُ التطويرِ والتعميرِ .. دعوةٌ نابعةٌ من القلبِ إلى كل المسؤولين في القطاعين الحكوميِّ والأهليِّ إلى إعطاءِ مزيدٍ من العنايةِ والرعايةِ إلى مختلفِ شرائحِ المجتمعِ ، وخاصةً تلك الشريحةَ التي تجسدُ الأملَ الواعدَ للأمةِ في مستقبلٍ أفضلَ .. ألا وهي الشباب ).


أخواتي وإخواني الشباب ،،
وحيث إن بلادَنا العزيزةَ لم تبخلْ علينا يوما بكل ما من شأنه تكوينُ شخصياتِنا ، وصقلُ قدراتِنا، والنهوضُ بإمكاناتِنا عبر البرامجِ الوطنيةِ المتكاملةِ من رعايةٍ وعنايةٍ ، وتعليمٍ وتدريبٍ ، فإن الواجبَ يدعونا لتشميرِ ساعدِ الجدِّ ، وبذلِ قصارى الجهدِ للإسهامِ في عمليةِ التنميةِ الشاملةِ فيها، متدرعين –كما وجه بذلك جلالتُه أبناءَه الشبابَ عام 1993- بالصبرِ والأملِ، والعزيمةِ والعملِ، والتضحيةِ والإيثارِ؛ من أجلِ حياةٍ أسعدَ وأرغدَ لا يمكن تحقيقُها إلا بالجهدِ والعرقِ والتغلبِ على كلِّ الصعابِ.
متمثّلين قولَ الشاعر:
وللأوطانِ في دمِ كلِ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَتْ، ودَينٌ مُستًحًقُّ



الحضور الكريم ،،
لطالما علمنا جيدا أن المنتجَ النفطي معرضٌ لمؤثرات العالمِ المختلفةِ، الجيوسياسيةُ منها والاقتصاديةُ، والتقنيةُ، وأن مصدر دخلِ البلادِ لا يجب أن يظل مقتصرا على منتجٍ بعينِه، ولا على مجموعةِ منتجاتٍ حتى؛ بل يجب أن يكون مُنْتَجُ العقلِ البشريِّ هو مصدرَ دخلِنا ومنبعَ قوتِنا وعزمِنا، فهو ثروةُ الإنسانِ الخالصةِ التي ستمنحه حلولا ومستقبلا مختلفا عما حدث ويحدث؛ ففي الوقتِ الذي انخفضت فيه أسعارُ النفطِ إلى أدنى مستوياتِها حققت شركةُ سامسونج الكوريةُ -مثلا- أرباحًا بلغت أكثرَ من اثنين وخمسين مليارَ دولارٍ عام 2018، بمعنى أن الهاتفَ الذكيَّ قد استطاع في غضونِ فترةٍ قصيرةٍ أن يجلبَ أكثرَ مما جلبَ برميلُ النفطِ من أموالٍ بأضعاف.

ومن هنا تتأكد لنا كذلك حقيقةُ أن الاستثمارَ في رأسِ المالِ البشريِّ هو الاستثمارُ الحقيقيُّ والمجدي للأممِ والشعوبِ إذا ما أرادت أن يكون لها موقعٌ تحت سقفِ هذا العالمِ المتغير.



الحضور الكريم ،،
إن الشباب مستقبلٌ وأملٌ وطموحٌ؛ ومتى ما كان طموحُهم يعانق السماءَ سعدت بهم البلاد، واطمأنَّ لهم العبادُ، وطابَ الجنْيُ والحصادُ، أما إذا ركنوا للدَّعَةِ والتقصيرِ، وركبوا السهلَ واليسيرَ، وتسربَ إليهم اليأسُ والتخديرُ فلا خيرَ يُرتجى، ولا أملَ يُنتظر، كما قال الشاعر:
شبابٌ قُنَّعٌ لا خيرَ فيهم وبوركَ بالشبابِ الطامحينا
فبعد شكر الله على نِعَمِه وأفضالِه علينا وعلى هذا البلدِ العزيزِ في ظلِّ باني نهضتِه وقائدِ تنميتِه ورفعتِه مولانا جلالةِ السلطانِ المعظمِ –حفظه الله ورعاه– نجدُه واجبًا علينا – نحن شبابَ هذا البلدِ وأبناءَه- أن نحلمَ ونأملَ بمستقبلٍ أكثرَ ازدهارًا، وبغدٍ أعمَّ اخضرارا، وبتنميةٍ أوفرَ نتاجَا وثمارا.


الحضور الكريم ،،
إن الإنسانَ، بما هو محورُ التنميةِ العمرانيةِ، ومدارُ العِمارةِ الإلهيةِ، لَيَسعى بدأبٍ نحوَ مدارجِ السالكين، ويرقى صوبَ مسالكِ الصفوةِ الميامين، تعاضدُه في ذلك عواملُ عدة، ليس آخرَها جغرافيا المكانِ الذي يقطنُه، وليس أولَها مجتمعُه الذي يعايشُه. ومسندمُ العمانيةُ، بجبالِها الشاهقةِ، وإنسانِها الراقي، تُفيضُ على الوطنِ فيضًا من العطاءِ لا ينضبُ، ومَعينًا من المبادئِ لا يتزحزحُ، مقتبسةً من شمِّ جبالِها إباءَها، وعميقِ بحارِها عزَّها وفخرَها.
مسندم التي هي مِطرقةُ الوطنِ على سندانِ الطامعين، والرأسُ التي يستشرفُ بها الوطنُ مستقبلَه متحزِّمًا بتاريخه.. مسندم تأخذ دورَها في تمثيلِ الشبابِ العمانيِّ، وتؤكدُ ثباتَها على المبادئِ التي أرساها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ -أبقاه الله- للوطنِ والمواطنِ، وخصوصًا الشبابَ الذين هم لُبُّ لُبابِ التنمية.

دعونا –أيها الآباءُ والزملاءُ- نأملْ بأشياءَ كثيرةٍ، فالوقائعُ تبدأ بأملٍ وطموحٍ ولهفةٍ وعزيمةٍ، وذلك ما انتهجه جلالتُه عند بنائِه لهذه النهضةِ المباركةِ؛ حيث قال:
( أود في هذا اليومِ أن أتحدثَ إليكم عن المستقبلِ.. مستقبلِ أرضِنا الطيبةِ. كنت أتطلع بأملٍ ولهفةٍ إلى اليومِ الذي تتطهرُ فيه أرضُ هذا البلدِ الطيبِ، لكي نكرسَ حياتَنا وكلَّ طاقاتِنا للواجبِ الأسمى، ألا وهو السيرُ بهذا البلدِ على طريقِ التقدمِ والازدهارِ والرفاهيةِ لشعبِنا، وقد بزغَ فجرُ ذلك اليومِ بحمدِ الله).

دعونا نطمحُ ونعملُ لريادةِ قطاعِ اللوجستياتِ والموانئِ والمطاراتِ في منطقتِنا والعالمِ.. وباستثمارِ سهولِنا وجبالِنا وصحارينا وشواطئِنا وقلاعِنا وحاراتِنا وكلِّ بقعةٍ في هذه الأرضِ المعطاءِ المباركةِ..

دعونا نطمح بأساليبِ عملٍ إنتاجيةٍ تضمنُ مكافأةَ المجتهدِ المنتجِ ومساءلةَ المهملِ المقصرِ.. وبتوظيفِ الكوادرِ والكفاءاتِ المناسبةِ في الأماكنِ المناسبةِ.. وبشغلِ الشبابِ لكثيرٍ من المواقعِ والوظائفِ التي ما تزال يدُ التعمينِ لم تصلْ إليها بعدُ..
دعونا نفكرْ بالمدنِ الذكيةِ في تطويرِ مدنِنا وقُرانا، وبطاقةِ الشمسِ والبحرِ والرياحِ في تغذيةِ بيوتِنا ومكاتبِنا وشركاتِنا، وبالمياهِ الرماديةِ في التوسعِ في تشجيرِ طرقِنا وحدائقِنا وصحارينا.

دعونا نطلقْ من طاقاتِنا وقدراتِنا وعزائمِنا لعلنا نضاهي أمجادَ أسلافِنا وعظمةَ أجدادِنا تفوقًا في علومِ اللغةِ والفلكِ والبحارِ، أو تحديًا في أساليبِ البناءِ، أو إبداعًا في شقِّ مجاري الأفلاجِ... ولعله يأتي اليومُ الذي سنصدِّرُ فيه معارفَنا العلميةَ والإنسانيةَ من جديدٍ للعالمِ: شرقِه وغربِه كما فعل سابقونا ..
باختصار .. دعونا :
نبني كما كانت أوائلُنا تبني، ونفعل فوقَ ما فعلوا

حفظ اللهُ هذا البلدَ العزيزَ المهابَ، وباركَ قيادتَه الحكيمةَ، وألهم شبابَه وأبناءَه دوما سبلَ الخيرِ والمجدِ والرشادِ، إنه تعالى سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعاءِ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.






*كلمة الشباب ضمن احتفالية يوم الشباب العماني بمحافظة مسندم
محمد بن أحمد سليمان الشحي - و حمدة بنت عبدالسلام حسن الكمزارية

اكتوبر 2018 م





يوم الشباب العماني 2018 م


قسم خاص لتغطية احتفالية يوم الشباب العماني الخامس - يصادف 26 أكتوبر من كل عام -و الذي سيُقام في محافظة مسندم . وتحتفل اللجنة الوطنية للشباب بهذا اليوم سنويًا وتطلق من خلاله برامجها المستدامة والتي تصب في صالح الشباب ..
على الرابط:













موقع مسندم



----------------------------------------------------------
*
مقالات يكتبها لشبكة مسندم أبناء و أقلام و مثقفين و وجهاء محافظة مسندم ، تضاف المقالات بشكل متجدد ،
و يمكنكم زيارة بقية المقالات بالـضغط هنـــا .

كما يمكنكم نشر مقالكم الخاص بالتواصل مع ادارة الواجهة العربية للموقع على البريد الالكتروني :
musandam.net@gmail.com