قصه قصيره للأطفال
ـ هبّتْ عاصفةٌ هوجاءُ، توجهتْ نحوَ الحقولِ والبساتينِ..،
فخافَتِ الأشجارُ كلُّها وانحنتْ أمامَها قبلَ أنْ تصلَ العاصفةُ إليها،
إلاّ شجرةً واحدةً فتيةً بقيتْ منتصبةً..
ـ قالتْ لها أمّها: العاصفةُ شديدةٌ لا ترحمُ يا بُنيّتي، فانحني مثلنا في أثناءِ مرورِها..
هزّتِ الشجرةُ الفتيةُ أغصانَها وقالتْ: لا .. لنْ أنحنيَ..
وبقيتْ منتصبةً والعاصفةُ تتقدّمُ بسرعةٍ..
ـ قالتْ لها أختُها: اتقي العاصفةَ يا أختي حتى تعبرَ..
وبإصرارٍ قالتْ: لا.. لن أنحنيَ..
ـ قالتْ شجرةٌ أخرى: لا شكّ أنّ في رأسِها خطّةً تتعاملُ بها مع العاصفةِ..
ـ مرّتْ العاصفةُ بقوّةٍ، قلعتْ أشجاراً ضعيفةً، وحطمت أخرى،
أما الشجرةُ الفتيةُ فقد كسرتْ معظمَ أغصانِها.. ولم يبقَ منها سوى جذعِها عارياً منتصباً..
ـ نفضتِ الشجرةُ الفتيةُ جذعَها العاريَ بعدَ مرورِ العاصفةِ وقالتْ للأشجارِ:
"آهٍ.. لو وقفنا كلنا أمامَ العاصفةِ منتصبينَ لبعثرْنا قوّتها وحرفْنا سيْرَها..
ولكنْ وا آسفاهُ، لقد انحنيتمْ أمامَها قبل مرورِها.. فطغتْ العاصفةُ وكثُرتْ الخسائرُ.."
ـ وأطلقتِ الشجرةُ الفتيةُ آهةً حزينةً، ثم واصلت كلامَها،
لقد بقيَ جذعي، وجذوري في أعماقِ الأرضِ ما زالتْ ممتدّةً،
سأورقُ من جديدٍ وأثمرُ رغمَ العاصفةِ..
ـ وصباحاً حينما مرّ حارسُ الغابةِ تطلّع إلى الشجرةِ العاريةِ،
ابتسمَ وحفرَ في جذعِها المنتصبِ جملةً.
"إنّها الشجرةُ الوحيدةُ التي لم تنحني أمامَ العاصفةِ"
ربّتَ على جذعِها بحنانٍ ثم قبّلَها.. ومضى..
عصافيرُ وزهرةٌ
ـ بعدَ غروبِ الشمسِ لملمتِ الزهرةُ الصفراءُ وريقاتها وأغمضتْ عينيها
تريدُ أن تنامَ، لكنْ كلّما غفتْ كانتْ زقزقةُ عصافيرَ صاخبةٌ توقظُها من نومِها..
حزنَ بلبلٌ وهو يتطلّعُ إلى الزهرةِ التي طالَ سهادُها أياماً، هزّ رأسَه وقالَ للعصافيرِ:
الهدوءَ رجاءً، لا تزقزقوا بصوتٍ عالٍ..
ولماذا يا بلبلُ؟! سألَ عصفورٌ..
ـ انظروا.. إنّ الزهورَ الصفراءَ تريدُ أن تنامَ ولم تستطعْ بسببِ صخبكُمْ..
قالَ عصفورٌ مازحاً:
ومتى كانتِ الزقزقةُ همساً!!؟
ـ طلبَ منه شيخُ العصافيرِ أن يسكتَ فلا وقتَ للمزاحِ الآن، ثم التفتَ إلى البلبلِ وقالَ: آسفٌ..سامِحْنا يا بلبلُ..
ـ حينئذٍ صمتتِ العصافيرُ، ثم طارتْ إلى حديقةٍ أخرى
إكراماً لعيونِ الزهرةِ..
المفضلات