سارة.. تغادر الحياة وتترك نصفها على مقاعد الدراسة
محمد سليمان . . عايشت هذه اللحظة بمستشفى الشيخ خليفة بعجمان رحم الله سـاره
علي الظاهري / البيان
![]()
اقترب اليوم الأخير من امتحانات الفصل الأول من العام الدراسي الحالي، والسعادة ظلت تغمر قلبي الشقيقتين التوأم ميرة وسارة الخميري، والفرح كعادته يحيط بمنزلهما؛ وهما على وشك إجازة تستعيد أدوارهما الفاعلة في حضن الأسرة.
يوم الأربعاء، قُدر لسارة أن تقع في منزلها، فجاءت الضربة على رأسها.. للوهلة الأولى لم تعر الأمر أهمية، وواصلت يومها كالمعتاد، لكن وعند فجر الخميس برزت آثار تلك السقطة، حين ذهبت ميرة لتوقظ شقيقتها سارة لأداء صلاة الفجر، والاستعداد للامتحان الأخير في الفصل، والتوجه إلى مدرستهما «الجرف الثانوية» في عجمان؛ فصعقت من منظر وجهها الشاحب وأنينها المدوي، فهرعت إلى ذويها لإخبارهم، وعلى الفور نقلت إلى المستشفى.
في المستشفى
بدا المستقبل بالنسبة لميرة ملفعاً بالغيوم القاتمة، إذ امتنعت عن مغادرة المستشفى، ورفضت تقديم الامتحان من دون سارة، لكن وبعد إلحاح الجميع، ذهبت إلى المدرسة وقدمت الامتحان الأخير وعادت إلى المستشفى سريعاً.
لم تبرح ميرة المستشفى منذ تدهور حالة شقيقتها الصحية، إلا في يوم الجمعة، اليوم الذي لم تكن تعلم أنه الأخير الذي يجمعها بشقيقتها، وسريعاً أيضاً عادت إلى المستشفى وقلبها مفعماً بالتكهنات الحزينة، فاستقبلها عمها بنبأ وفاة سارة، فانكبت على صدر عمها وقد هاجت مشاعرها شديداً.
فراق ووحدة
أخذت قوى ميرة تترنح بصورة ملحوظة بعد فراق توأمها، وشعرت بوحدتها كثيراً، لا سيما وأنه كما تقول نادية سيف الاختصاصية الاجتماعية، فإن ميرة تعمدت الرسوب العام الماضي لتتخرج من الثانوية بصحبة شقيقتها، وضحت بطموحها «الطب» كي تلتحق بما قررت سارة أن تدرسه «القانون»، وقد انتقلت إلى القسم الأدبي لتجاور شقيقتها داخل الفصل، لدرجة أنهما في الاستراحة كانتا تتبادلان أحذيتهما.
وتضيف إن أحداً لم يشك من سلوك سارة منذ دخولها إلى المدرسة، قدر تمكنت من ترك محطات جميلة في قلب كل شخص في المدرسة، والدليل أنه حينما نشر خبر وفاتها، شارك الآلاف في الصلاة عليها لتشييعها إلى مثواها الأخير.
مسجد سارة
وتوضح الاختصاصية الاجتماعية، أنه بعد وفاتها، خيم الحزن على صفوف وأروقة المدرسة، ومنع البكاء الطالبات من الابتسامة، وظلت المدرسة على حالها شهوراً.
ولم يختفِ اسم سارة بعد تشييع جثمانها، فقد ظلت أفعالها الطيبة حاضرة في قلوب صديقاتها، وضحكاتها البريئة خالدة في ذاكرة زميلاتها، اللواتي شرعن في مشروع بناء مسجد صدقة عن روح الفقيدة، كما أوضحت الطالبة هدى محيي صديقة سارة، واتسعت الدائرة لتصل المساعدات من خارج الدولة.
ذكريات طالبة
وتسترسل الطالبة هدى في ذكرياتها مع سارة قائلة: انتقلت إلى المدرسة العام الماضي، وكنت جالسة في عزلة لا أتحدث مع أحد، وكانت سارة رحمها الله، أول طالبة تبادر في التحدث معي، فكسرت حاجز العزلة الذي طوق نشاطي، وشجعتني على الانخراط في كافة الأنشطة، وحفزتني على الإبداع في شتى المجالات.الطالبة موزة ياقوت، قالت إن جميع الطالبات تعاضدن على صنع شيء لسارة بعد وفاتها، وقدمن طبقاً خيرياً في المدرسة يعود ريعه للمحتاجين، وطافت ثلة من الطالبات على المدارس لبيع سلاحف صغيرة، وتعاطف الكثيرون مع هذه المبادرة وتبرعوا بالمبالغ التي جنينها.
وأكدت موزة أن قصة سارة تناقلها الكثيرون، وقد كان اسمها مطبوعاً على «حصالات» كثيرة لجمع الأموال في أماكن متفرقة، فضلاً عن رقم الحساب الخاص بجمع التبرعات لبناء المسجد، وثمة حملة أخرى بعنوان «ذكراك خالدة يا سارة» أطلقتها مجموعة من طالبات المدرسة لإنشاء بئر باسم سارة.
الرياضية المؤثرة
أما فتحية محمود معلمة الرياضة، فقد ألغت جميع الأنشطة التي كانت ستقيمها في الإجازة بعد وفاة سارة، إلى جانب البرامج الرياضية حذفت من الجدول المعد مسبقاً. وتؤكد معلمة الرياضة أن قصة سارة والرياضة لا تخلو من الغرابة، إذ منع المرض سارة من ممارسة الرياضة مند الطفولة، ورغم ذلك ظلت إلى جانب الفريق وحاضرة في جميع المباريات والتدريبات المقامة. ونتيجة لجهود سارة في دفع معنويات الفريق والمساهمة في فوزه مراراً، كانت هي من يتسلم الكؤوس أثناء حفل التكريم.
ميرة الشقيقة التوأم، حاولت استعادت قواها بعد وفاة شقيقتها، وفي كل مباراة كانت تسقط أرضاً فاقدة الوعي، حين تتذكر هتافات سارة وتشجيعها على أرضية الملعب، إذ تشير فتحية إلى أن طالبات المدرسة أقمن مباراة خيرية من أجل سارة، وبيعت تذاكر المباراة جميعها لإكمال مشروع «من أجلك يا سارة».
المفضلات