هذا درس من دروس الحبيب المصطفى – صل الله عليه وسلم ، يدل على رحمته وشفقته ، كما أنه أيضا درس في الصبر والإمتثال لأمر الله تعالى ، فقد كان – عليه السلام – جالسا ذات يوم مع عدد من أصحابه ، فأرسلت إليه إحدى بناته تقول له : أن ولداً لها يلفظ أنفاسه الأخيرة ، يحتضر .. سيفارق الحياة .

قال رسول الله لمن جاء من عند ابنته : عد إليها فأخبرها : أن لله ما أخذ ، ولله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب .

أرسلت إلى النبي مرة أخرى ، وأقسمت أن يأتي إليها ، فقام رسول الله وسار إلى منزل إبنته ومعه عدد من أصحابه ، رافقوه إلى دار ابنته ، كان من بينهم : سعد بن عبادة .

دخل رسول الله ، فلما رفعوه إليه ، وجد نفسه تضطرب ، أي أن الصبي كان يهتز لشدة ما به ، فهو في النزع الأخير ، قبل أن تفيض روحه .

تأثر رسول الله وفاض الدمع من عينيه ، لاحظ سعد بن عبادة دموع النبي ، فسأله قائلا : ما هذا يا رسول الله ؟ فقال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .


فالمسلم قد تفيض دموعه رحمة وشفقة ، يبكي متأثراً لألم الفراق ، ولكنه يصبر ويمتثل لأمر الله ، يرضى بقضاء الله ، ولا يقول إلا ما يرضيه سبحانه وتعالى ، هذا ما علمنا إياه الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم .