دعا له رسول الله – صل الله عليه وسلم – وهو لايزال جنينا في بطن أمه ، دعا أن تقر به العيون ، وتبيض به الوجود ، فحينما كان رسول الله ، محاصرا في الشعب بمكة قبل الهجرة ، ومعه بنو هاشم ، جاءه عمه العباس ، وأخبره أن زوجته أم الفضل حامل ، فقال له رسول الله : لعل الله أن يقر أعينكم .

وفي رواية إنه - صل الله عليه وسلم - قال لعمه العباس : لعل الله أن يبيض وجوهنا بغلام .
مرت الشهور ، وولدت أم الفضل غلاما ، إنه عبدالله بن عباس رضي الله عنه .

وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين ، فلما ولدته أمه ، حمله أبوه العباس في خِرقه ، وذهب به إلى رسول الله ، فنال من بركة النبي ، حيث حنكه بريقه .

هاجر النبي إلى المدينة ، وبقي عبدالله – رضي الله عنه – مع أبيه وأمه في مكة ، ثم مضى مع أبيه إلى المدينة قبل الفتح ، فلقيهما النبي في الطريق ( بالجحفة ) وهو ذاهب لفتح مكة .

صحب النبي – عليه السلام – ولازمه وهو صبي صغير ، بدأ يأخذ منه ، ويحفظ عنه دقة الأقوال والأفعال والأحوال ، وكان أيضا يتعلم من كبار الصحابة – رضي الله عنهم ، أخذ عنهم علما عظيما ، وفهما ثاقبا ، كما تعلم منهم البلاغة والفصاحة ، والأصالة ، والبيان .

دعا له رسول الله وقال : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) كان حريصا على طلب العلم من أهله ، حتى بلغ فيه مبلغا ، وقد كان يسمى : البحر لغزارة علمه وأيضا كان يسمى : ( حبر الأمة ) أي عالمها ، كما كان يعرف : ترجمان القرآن .

مات رسول الله ، حينما كان عبدالله بن عباس ، في الثانية عشرة من عمره ، وواصل رحلة علمه ، يسأل ويعرف ويعي حتى أنه سألوه يوما : كيف حصلت على كل هذا العلم ؟

فقال : لسان سؤول ، وقلب عقول .
أي أنه كان يسأل أهل العلم دائما بلسانه ، ثم يعي ما يقولون بقلبه ، وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول له : والله إنك لأصبح فتياننا وجها ، وأحسنهم عقلا ، وأفقههم في كتاب الله عزوجل .

وكان يأذن له بالدخول عنده ، ومجالسة كبار الصحابة من أهل بدر ، الذين جاهدوا مع رسول الله في غزوة بدر ، بسبب علمه وورعه وحكمته ، ورجاحة عقله .


ظل عبدالله بن عباس – رضي الله عنه – عالما عاملا مجاهدا ، وقد توفي بالطائف سنة 68 للهجرة ، وهو ابن 71 سنة .