روى البخاري من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه)) وروى البخاري من حديث مرداس الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ((يذهب الصالحون الأول فالأول ثم تبقى حثالة كحثالة الشعير لا يبالي بهم الله باله)) وهذا الحديث إنما هو من بعد بعثته صلى الله عليه و سلم ، وقد دلت الأحاديث على أن الشر كان في عهد التابعين أكثر منه في عهد الصحابة وفي عهد أتباع التابعين أكثر منه في عهد التابعين، ودلت أحاديث كثيرة أن الشر بعد انقضاء عصر السلف أكثر منه في عهد السلف، وقد دلت أحاديث كثيرة على تسلط الكفار على المسلمين وتدهور حال المسلمين، وحديث أنس المذكور من العلماء من قال: إنه عام مخصوص، ومنهم من قال: إنه عام يبقى على عمومه، وقد كان ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ يفهم الحديث على عمومه ويقول: (لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مال يفيده ولكن لا يأتي عليكم يوم إلا وهو أقل علماً من اليوم الذي مضى قبله).
والأقرب القول الأول لأن حديث أنس يفيد الأغلب أي: أغلب العصور والدهور يزيد فيها الشر وقل أن يخف الشر في عصر من العصور كعصر عمر بن عبد العزيز وكعهد المهدي فإنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ولكن ما ذا يكون هذا بجانب مرور مئات القرون وهي تطفح بالشر، وأيضاً هذا الخبر يكون لمدة قصيرة جداً، والله أعلم.
تحذير البشر من اصول الشر
الشيخ محمد بن عبد الله الامام حفظه الله
المفضلات