السؤال:
فضيلة الشيخ, أحسن الله إليك، هل أهل التوحيد بحاجة للتأكيد عليهم بشأن التوحيد؛ لأن بعض الناس يحتج ويقول إن السور المدنية لا تركز على التوحيد لمّا كانوا أهل توحيد،
فما ردكم على ذلك والله يحفظكم؟
الجواب:
أنا لا أشك أن الناس يحتاجون إلى فهم التوحيد في كل زمان ومكان وفي كل مستوى من المستويات يحتاجون إلى فهم العقيدة الفهم الصحيح، ونستطيع أن نقول:
إن الناس قسمان:
القسم الأول: أعطاهم الله حظًّا وافرًا من العلم فهذا القسم في أمسَّ الحاجة إلى التوسع في فهم العقيدة وفهم ما يناقضها وفي نشرها والرد على أهل التلبيس والشبهات الَّتِي يُدْلُون بِها حتى تتضح العقيدة غاية الوضوح.
القسم الثاني: عوام الناس فهم في أمسَّ الحاجة لأن يُذَكَّروا بين آونة وأخرى، ويكرر المعلمون عليهم التعليم لقضية التوحيد وما يناقضها من الإشراك بالله على اختلاف ضروب الشرك وتعدد صوره.
وعلى العموم فالأمة لا تستغني عن مذاكرة عقيدة التوحيد وبذل الجهود في قراءة الكتب الَّتِي دونت فيها بحوثها من جميع الجوانب، وأنا الذي أعرفه بأنّ العالم قد يقضي في الطلب خمسين سنة وتراه يرى نفسه في أمسَّ الحاجة إلى فهم العقيدة فهمًا صحيحًا،
وربما ترد عليه بعض الشبهات وقد عاش هذا العمر المديد موحدًا ومعلمًا للتوحيد ورادًّا على الشبه الَّتِي تتعلق بما يخدش العقيدة، ولكن تأتيه بعض المسائل المتعلقة بالعقيدة فيقف عندها ثُمَّ ينطلق باحثًا في رفوف مكتبته وبطون كتبه حتى يحل المشكلة الَّتِي نزلت به، وهذا يعرفه طلاب العلم ولا يجهلونه.
ومن هذا المنطلق وعلى هذا الأساس فلا يستغني مجتمع ولا يستغني فرد من ذكور الأمة وإناثها عن بذل الجهود في التوسع في علم العقيدة حتى يحظى بالنصيب الوافر من هذا الأصل الأصيل, ومن هذا العلم الذي جعله الله عز وجل مفتاحًا للجنة وموجبًا للشفاعة وعاصمًا للدم وعاصمًا للعرض وعاصمًا للمال وفارقًا بين الكافر والمسلم،
فلا حجة ولا وجه لمن يقول: إن الناس إذا فهموا العقيدة في جلسة أو شهر أو سنة إنَّهم يستغنون عن مذاكرة النصوص المتعلقة بِها وبحثها والكتابة فيها والتأليف في هذا الفن العظيم،
ولهذا من أراد أن يسبر ويعدد الكتب المؤلفة في العقيدة فإنه سيجد مئات من الكتب بين مطول ومختصر، وبين متن وشرح، وبين من يسلك طريق السؤال والجواب، ومن يسلك طريق المنظوم والمنثور، وهذا أمر لا يخفاكم، فلا وجه لمن يقول إن الوقت القليل يكفي للإحاطة بفقه العقيدة الإسلامية ثُمَّ بعد ذلك لا يحتاج أن يعود إليه لا في التعليم ولا في النشر فينبغي أن نفهم هذا وننبذ قول المثبطين عن التوسع في فقه هذا الباب الجليل. والله أعلم.
الشيخ زيد بن محمد المدخلي - العقد المنضد (13)
المفضلات