أرسى قواعد الشورى ليمكنها خليفة في تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي
زايد أعطى من وقته وجهده الكثير ليستمع إلى هموم الوطن والمواطنين
في التاسع عشر من رمضان 1425هـ الموافق الثاني من نوفمبر 2004 فقدت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤسسها وباني نهضتها الحديثة وقائد مسيرتها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي كرس حياته للعطاء المتواصل لشعبه و بناء دولة الإتحاد .
و تتزامن الذكرى السابعة لوفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه مع انتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2011 و هي ترجمة لخطوات تمكين المجلس الوطني الاتحادي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة –حفظه الله- في خطابه بمناسبة العيد الوطني الرابع والثلاثين لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 2005 م.
لقد بادر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عند تأسيس الاتحاد وبناء مؤسساته و من ضمنها المجلس الوطني الاتحادي كأحد السلطات التي حرص على تعزيز دورها ليكون إحدى دعائم المسيرة الاتحادية المباركة، وبنى علاقة وطيدة مع المجلس، وتطورت لتفرز تجربة فريدة من نوعها في معالجة القضايا الداخلية والخارجية، تجربة عمادها الشورى والتفاهم والحرص على مصلحة الوطن.
كرس وأرسى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "رحمه الله" مبادئ الشورى من خلال حرصه على افتتاح أدوار الانعقاد العادية للمجلس خلال مختلف فصوله التشريعية ، والالتقاء بأعضاء المجلس مستمعاً وموجهاً و من خلال مشاركة سموه رحمه الله في بعض جلسات المجلس والنقاش والتحاور مع الأعضاء، علاوة على استقباله للجان المجلس والوفود البرلمانية الزائرة. وكان حرص المغفور له بإذن الله نابع من إيمان عميق بالدور الذي يضطلع به المجلس ، وبقدرة أعضائه على المساهمة الإيجابية في خدمة وطنهم وشعبهم، ويتضح ذلك جلياً في تأكيده المستمر على أعضاء المجلس بضرورة تحسس تطلعات المواطنين وهمومهم ومناقشتها بكل جرأة وتجرد، ورفع ما يعترض تحقيقها لسموه لحلها.
وكان المغفور له – بإذن الله - الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يرى في المجلس الوطني الاتحادي عوناً للحكومة للقيام بواجباتها، وشريكاً لها في المسؤولية الوطنية، وعاملاً على تحقيق التوازن بين السلطات المختلفة في الدولة، لذلك كان حريصاً على التأكيد دوماً على أهمية دور المجلس باعتباره يضم نخبة من أبناء الإمارات الذين اعتبرهم الأمل في مواصلة المسيرة .
وعبر الشيخ زايد – طيب الله ثراه – عن ذلك بقوله مخاطباً أعضاء المجلس في أول خطاب له ألقاه في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الأول من الفصل التشريعي الأول :
"أخواني الأعضاء المحترمين .. في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة ، المؤمنة بربها ، وبوطنها ، وبتراثها ، تتطلع إليكم واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة ، والمنفعة ،والتقدم ،والرفاهية ."
وحدد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه مهام المجلس ودوره بقوله :
"إن جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة وتتطلع إلى مجلسكم الموقر لتحقق ما تصبو إليه من مشاركتكم في بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا، وان مجلسكم الموقر قادر على أن يؤدى دوراً هاماً في تحقيق آمال الشعب الكبرى نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية".
وكان سموه رحمه الله يحرص على الاستماع لما يبديه الأعضاء من ملاحظات ونقل هموم المواطنين ويصدر القرارات المناسبة في حينها، أو يحيل المواضيع للجهات المختصة لمتابعتها، ومن أبرزها الأمر السامي بإنشاء جامعة الإمارات و برنامج الشيخ زايد للإسكان وصندوق الزواج ليجسد حرص القائد وتفاعله مع هموم واحتياجات المواطنين.
كان الشيخ زايد يؤمن أن مبدأ الشورى الذي أستمر في هذا البلد مئات السنين سيظل منهجاً مستمراً في مسيرة الدولة، وقد تحقق ذلك بحرص قيادتنا الرشيدة على امتداد تاريخها.
وكما حظي المجلس الوطني الاتحادي برعاية الشيخ زايد رحمه الله منذ مرحلة تأسيسه فقد تواصل هذا الدعم في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله عندما أطلق مرحلة التمكين واتخذت الخطوات العملية لتعزيز وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي ليكون سلطةً ً مساندة ومرشده وداعمة للمؤسسة التنفيذية
وبفضل هذا الدعم استطاعت هذه التجربة أن تعطي نموذجا خاصا في الممارسة الديمقراطية حيث تميزت مسيرة المشاركة والعمل البرلماني في الإمارات بالوعي كونها نابعة من ظروف واحتياجات دولة الإمارات، الأمر الذي تجسد بوضوح بمدى حجم الإنجاز الذي تحقق على صعيد ممارسة المجلس لصلاحياته واختصاصاته خاصة وأن المجلس في فصله التشريعي الرابع عشر كان أول مجلس وطني يأتي نصف أعضائه بالانتخاب، والنجاح المتميز الذي حققه المجلس على الصعيد الداخلي في طرح ومناقشة مختلف القضايا المتعلقة بالوطن والمواطنين، وعلى الصعيد الخارجي من خلال تبني القضايا الوطنية في مختلف الفعاليات البرلمانية وطرح المبادرات الهادفة إلى دعم العمل البرلماني الخليجي والعربي والدولي.
وتأتي انتخابات المجلس الوطني الاتحادي في 24 سبتمبر2011 لتشكل خطوةً متقدمة في برنامج التمكين لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله لتوسيع مشاركة المواطنين في العملية السياسية وتحديث أدواتها خلال مراحل متدرجة بحيث تُبني كل مرحلة على نجاح المرحلة السابقة.
وقد بدأت مرحلة تمكين المجلس الوطني الاتحادي باستحداث وزارة تختص بشؤونه، ثم تبني نظام انتخاب نصف أعضائه في عام 2006 م، ثم التعديل الدستوري لسنة 2009 والذي تم بمقتضاه مد عضوية المجلس إلى أربع سنوات بدلاً من سنتين، و أيضاً تمكينه من وضع لائحته الداخلية ، ثم جاءت خطوة الإعداد للتجربة الانتخابية الثانية وذلك لانتخابات نصف أعضاء المجلس في شهر سبتمبر القادم متضمنة زيادة قوائم الهيئات الانتخابية ليصل عدد أعضائها إلى 129 ألف و274 عضواً يمثلون الهيئات الانتخابية لكل إمارات الدولة .
وهكذا تمضي مسيرة الشورى بخطوات واثقة منذ بدأها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه –وحمل لوائها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان - حفظة الله - لتبقى رؤى المغفور له - بإذن الله – الشيخ زايد ماثلةًًً أمامنا ونبراساً للمجلس الوطني الاتحادي في أداءه لمهامه ،وستبقى هذه الذكرى تحث الجميع على المزيد من العطاء في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات.
المفضلات