| سكُت وصدري فيه تغلي مراجلُ |
وبعض سكوتِ المرءِ للمرءِ قاتلُ |
| وبعضُ سكوتِ المرءِ عارٌّ وهُجْنَةٌ |
يحاسَبُ من جّراهُما ويُجادَل |
| ولا عجبٌ أنْ يُخْرِسَ الوضعُ ناطقاً |
بلى عجبٌ أنْ يُلْهَمَ القولَ قائل |
| جزى الله والشعرُ المجوَّدُ نَسْجُهُ |
بأنكد ما تُجْزَى لئامٌ أراذل |
| مخامِرُ غدرٍ طوَّحَتْ بي وعودُهُ |
فغُررتُ والتفَّتْ علىَّ الحبائل |
| وكنتُ امرَءاً لي عاجلٌ فيه بُلْغَةٌ |
سدادٌ ومرجُوٌّ من الخير آجل |
| رخياً أمينَ السربِ محسودَ نِعمةٍ |
تَرِفُّ على جنَبيَّ منها مباذل |
| فغُودرتُ منها في عَراءٍ تَلُفُّني |
مَفاوِزُ لا أعتادُها ومجاهل |
| طُموحٌ إلى الحتفِ المدبَّر قادني |
وقد يُزهِقُ النفسَ الطُموحُ المُعاجل |
| كَرِهْتُ مداجاةً فرُحْتُ مشاغبا |
ولم يُجدِني شَغْب فرُحْتُ أُجامل |
| وأغْرقْتُ في إطراءِ من لا أهابُه |
وساجلت بالتقريع من لا يساجَل |
| وأصْحَرْتُ عن قلبي فكان تكالُبٌ |
عليّ لإصحاري وكان تواكُل |
| نزولاً على حكمٍ وحفظاً لغاية |
يكون وسيطاً بينهن التعاُدل |
| وما خِلْتُني عبْءا عليهم وأنهم |
يريدون أن يُجتَثَّ متنٌ وكاهل |
| ولما بدا لي أنه سدُّ مَخْرَجٍ |
وقد أُرتِجَ البابُ الذي أنا داخل |
| وأخلَتْ صدورٌ عن قلوبٍ خبيثةٍ |
ولاحت من الغدرِ الصريحِ مخايل |
| رجعت لعُش ٍّ مُوحشٍ أقبلتْ به |
علي الهمومُ الموحشاتُ القواتل |
| وكنتُ كعُصفورٍ وديعٍ تحاملت |
عليه ممن الستِ الجهاتِ أجادِل |
| ورَوَّضْتُ بالتوطينِ نفساً غريبةً |
تراني وما تبغيه لا نتشاكل |
| وقلتُ لها صبراً وان كان وطؤهُ |
ثقيلا ولكن ليس في الحزن طائل |
| وكَظْمُ الفتى غيظاً على ما يسوؤه |
من الأمر دربٌ عبَّدته الأماثل |
| ولِلعْقلِ من معنى العقالِ اشتقاقُه |
إذا اقتِيدَ إنسان به فهو عاقل |
| وكنتُ ودعوايَ احتمالا كفاقدٍ |
حُساماً وقد رَفَّت عليه الحمائل |
| حبستُ لساني بين شِدْقَيَّ مُرغماً |
على أنه ماضي الشَّبا إذ يناضل |
| وعهدي به لا يُرسلُ القولَ واهناً |
ولا في بيانٍ عن مرادٍ يعاضل |
| وبيني وبينَ الشعرِ عهدٌ نكثتُه |
ورثَّتْ حبالٌ أُحكِمَتْ ووسائل |
| وجهّلتُ نفسي لا خمولا وإنما |
تيقنت – ان السيّدَ المتجاهل |
| وما خلت أني في العراق جميعِه |
سأفقِدُ حراً عن مغيبي يسائل |
| سَتَرْتُ على كَرْهٍ وضِعْنٍ مَقاتلي |
إلى أن بدتْ للشامتينّ المقاتل |
| أهذا مصيري بعد عشرين حِجَّةً |
تحلت بأشعاري فهن أواهل ؟ |
| أهذا مصيرُ الشعرِ ريّانَ تنتمي |
إليه القوافي المغدقاتُ الحوافل!؟ |
| سلاسلُ صِيغتْ من معانٍ مُبَغَّضٍ |
لها الذهبُ الأبريزُ وهو سلاسل |
| ومن عجبٍ أنّ القوافي سوائلا |
اذا شُحِذَتْ للحَصْدِ فِهي مَناجل |
| وهنَّ كماءِ المُزْنِ لطفاً ورقةً |
وهنَّ إذا جدَّ النضالُ مَعاول |
| فأمّا وقد بانت نفوسٌ وكُشِّفَتْ |
ستائرُ قومٍ واستُشِفَّت دخائل |
| ولم يبق إلا أن يقالَ مساومٌ |
أخو غرضٍ أو ميّتُ النفسِ خامل |
| فلا عذرَ للأشعار حتى يردَّها |
إلى الحق مرضيُّ الحكومةِ فاصل |
| لأمِّ القوافي الويلُ إن لم يَقُمْ لها |
ضجيجٌ ولم ترتجَّ منها المحافل |
| سأقذِفُ حُرَّ القولِ غيرَ مُخاتِل |
ولا بدّ أن يبدو فيُخْزَى المُخاتل |
| لئن كان بالتهديم تُبْنى رغائبٌ |
وبلخبط والتكديرِ تصفو مناهل |
| وإن كان بالزلفى يؤمَّلُ آيسٌ |
وبالخُطَّةِ المُثلى يُخيَيَّبُ آمل |
| فَلَلْجهلُ مرهوبُ الغرارين صائبٌ |
ولَلْحِلْمُ رأيٌ بَيّنُ النقصِ فائل |
| ولَلْغَرَضُ الموصومُ أعلى محلةً |
من المرءِ منبوذاً علته الأسافل |
| أرى القومَ من يُقرَّبْ إليهِمُ |
ومن يَجْتَنِبْ يَكْثُرْ عليه التحامل |
| على غيرِ ما سنَّ الكرامُ وما التقت |
عليه شعوبٌ جمةٌ وقبائل |
| فلا ينخدعْ قومٌ بفرط احتجازةٍ |
تَخَيَّلَ أني قُعْدُدٌ متكاسل |
| فإني لذاكَ النجمُ لم يخبُ نَوُؤه |
ولا كَذَبَتْ سيماؤُه والشمائل |
| وما فَلَّتِ الايامُ مني صرامة |
ولا زحزحت علمي بانيَ باسل |
| ولكنني مما جناه تسرُّعٌ |
توهمت أنَّ الأسْبَقَ المتثاقل |
| وإنّي بَعْدَ اليومِ بالطيش آخذُّ |
وإني على حكمٍ الجهالةِ نازل |
| وإني لوثابٌ إلى كل فرصةٍ |
تعِنُّ وعدّاءٌ إليها فواصل |
| بخيرٍ وشرٍ ان ما ادرك الفتى |
به سُؤْلَه فهو الخدينُ المماثل |
| وأعلَمُ علماً يقطعُ الظنَّ أنَّه |
لكلِ امرئٍ في كلِّ شيءٍ عواذل |
| فانْ لم يقولوا إنَّه مُتعنِّتٌ |
عَنُودٌ يقولوا مُصْحِبٌ متساهل |
| تخالُفَ أذواقٍ وبغياً وإثْرَةً |
ومن آدمٍ في العيش كان التّقاتُل |
| فما اسطعتَ فاجعلْ دأبَ نفسِكَ خَيرَها |
ولا تُدخِلَنَّ الناسَ فيما تحاول |
| فما الحرّ إلا من يُشاورُ عَقْلَهُ |
وأمُّ الذي يستنصِحُ الغيرَ ثاكل |
| نَصيحُكَ إما خائفٌ أو مغَرَّرٌ |
كلا الرجلينِ في الملماتِ خاذل |
| وبينهما رأيٌ هو الفصلُ فيهما |
ومعنىً هو الحقُ الذي لا يجادَل |
| على أنها العقبى – فباطلُ ناجحٍ |
يَحِقُّ . وحق العاثرِ الجَدِّ باطل |
المفضلات