الحلقة التاسعة والعشرين ( فتح مكة )

1. في ١٠ رمضان من السنة ٨ هـ وقع فتح مكة، وكان سبب هذا الفتح هو غدر بني بكر وقريش في خزاعة التي دخلت في حلف النبي ﷺ يوم الحديبية ، فقتلوا منهم ٢٠ رجلا.

2. خرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على النبي ﷺ المدينة ، فوقف عليه وهو في المسجد ، وأخبره خبر الغدر كاملاً فقال رسول الله : " نصرت ياعمرو بن سالم ".

3. خافت قريش من هذا الغدر ، وأرسلت أبا سفيان ليجدد الصلح مع رسول الله ، فلم يخرج منه بشي ، ورجع خائباً .

4. تهيأ رسول الله للفتح العظيم ، وسأل ربه أن يعمي عن قريش خبره ، فقال : " اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش ".

5. أمر رسول الله أصحابه للخروج ، وأرسل إلى كل القبائل المسلمة أن يتجهزوا للخروج معه . فتجمع للنبي ﷺ ١٠ آلاف ، وهو أكبر جيش يتجمع للمسلمين من بعثته ، وكان خروجه من المدينة يوم ١٠ رمضان سنة ٨ هـ .

6. في طريقه ﷺ إلى مكة لقيه ابن عمه أبوسفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة مسلمين .

7. واصل النبي ﷺ طريقه إلى مكة وهو صائم ، والناس معه صيام ، وقد صبَّ رسول الله الماء على رأسه ووجهه من شدة العطش .

8. فلما بلغ رسول الله الكديدَ وهو ماء بين عسفان وقديد ، قال لأصحابه : " إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم ".
فأفطر رسول الله ، وأفطر الناس ، فكانت رُخصة ، ثم دعا رسول الله ﷺ بإناء ، فشرب نهارا ليراه الناس .

9. لما بلغ رسول الله الجحفة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب مهاجرا بأهله وعياله إلى المدينة ، ففرح به النبي ﷺ .
وما كان العباس رضي الله عنه يعلم بقدوم جيش المسلمين ، وهو آخر من هاجر إلى المدينة.

10. قال رسول الله : " لا هجرة بعد الفتح - أي فتح مكة - ".
والمقصود بالهجرة : الهجرة من مكة إلى المدينة .

11. أكمل رسول الله طريقه إلى مكة ، فلما وصل إلى منطقة الظهران عشاءً ، أمر أصحابه بإيقاد النيران .وكان الله سبحانه قد أخذ العيون عن قريش ، فانقطعت أخبار النبي ﷺ عنهم تماماً ، ولا يدرون ما سيفعل النبي ﷺ بغدرهم .

12. خرج أبو سفيان ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن وَرقاء رضي الله عنهم - وكلهم أسلم بعد الفتح - يبحثون عن الأخبار حتى أتوا مر الظهران ، وإذا بهم يرون نيران كثيرة ففزعوا منها فزعاً شديداً.

13. كان العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه يبحث عن أحد يخبر قريش بأمر النبي ﷺ ، حتى تستسلم قريش ولا تقاتل فرأى العباس أباسفيان سيد مكة ومن معه ، فأقنع العباس أبا سفيان بالاستسلام فوافق.

14. ذهب العباس بأبي سفيان إلى النبي ﷺ ليسلم له مكة ، فلما دخل أبوسفيان على النبي ﷺ ، دعاه إلى الإسلام فأسلم . ثم قال النبي ﷺ لأبي سفيان : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ".

15. انطلق أبوسفيان واجتمع بأهل مكة ، وأخبرهم خبر النبي ﷺ ، وأنه لا طاقة لأحد به ، وأنه لا نجاة لأحد يخرج من بيته .

16. أمر النبي ﷺ بالتحرك لدخول مكة ، وقال لأصحابه : " لا تقاتلوا إلا من قاتلكم ، ونهاهم عن قتل النساء والصبيان ".

17. دخل النبي ﷺ مكة من أعلاها في كتيبته الخضراء وذلك يوم الجمعة ١٩ رمضان من السنة ٨ هـ وكان رسول الله على ناقته القصواء لما دخل مكة ، وكان في شدة التواضع لربه سبحانه الذي أكرمه بهذا الفتح فتح مكة .

18. كان رسول الله يقرأ سورة الفتح وهو على ناقته ، يرفع بها صوته ، وأهل مكة من بيوتهم ينظرون إلى هذا المشهد العظيم.

19. ثم ضربت للنبي ﷺ في منطقة الخيف خيمة كما أمر ونزل بها ، فجاءته أم هانئ تستأذن عليه فقال : " مرحباً يا أم هانئ ". فقالت : يارسول الله أجرت فلان وفلان ، قريبين لها فقال رسول الله : " قد أجرنا مَن أجرتِ يا أم هانئ ".

20. قام رسول الله حتى أتى المسجد الحرام ، والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه ، وحوله ، يهللون ، ويكبرون فأقبل رسول الله إلى الحجر الأسود فاستلمه بمحجن كان في يده ، ثم طاف بالبيت سبعا على راحلته ، وحول البيت ٣٦٠ صنم .

21. كلما دنا رسول الله من صنم جعل يطعنها بمحجنه ، ويقول : " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".
فما يشير رسول الله على صنم في وجهه إلا وقع لقفاه . فإذا وقع الصنم قام الصحابة رضي الله عنهم بتكسيره ، حتى كسرت كل الأصنام التي كانت حول الكعبة .

22. نادى رسول الله حاجب الكعبة عثمان بن طلحة رضي الله عنه - وهو الذي عنده مفتاح الكعبة فأمره رسول الله ﷺ أن يفتح له الكعبة ، فلما فتحها ، أمر رسول الله عمر بن الخطاب أن يزيل الصور التي فيها ، فأزالها.

23. دخل النبي ﷺ الكعبة وأدخل معه بلال بن رباح وأسامة بن زيد رضي الله عنهما ، وأغلق عليهم الباب فمكث ﷺ فيه طويلاً جعل رسول الله ﷺ عموداً عن يساره ، وعمودين عن يمينه.

24. ثم خرج رسول الله من الكعبة ، وقد تجمع أهل مكة له ، فخطب فيهم خطبة عظيمة ، حمدَ فيها ربه ، وأثنى عليه ثم قال : " يامعشر قريش ماترون أني فاعل بكم "؟؟
قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم فقال ﷺ : " أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : " لا تثريب عليكم اليوم " ، اذهبوا فأنتم الطلقاء ".

25. جلس رسول الله في المسجد وفي يده مفتاح الكعبة ، فقال له علي بن أبي طالب : يارسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية فقال ﷺ : " أين عثمان بن طلحة "؟؟
فدُعي له ، فقال ﷺ : " خذوها يابني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ".

26. فلما استقر الأمر برسول الله جاءه أهل مكة يبايعونه ، فجاء أبوبكر الصديق بوالده أبي قحافة ، فأسلم بين يديه .

27. ثم بايع رسول الله نساء قريش وأفتى رسول الله بعدة فتاوى منها : تحريم بيع الخمر : الميتة " الخنزير : الأصنام.
فلما انتصر رسول الله على قريش ، دخل الناس في دين الله أفواجا .

28. أقام النبي ﷺ في مكة بعد فتحها ١٩ يوما، وفي يوم السبت ٦ شوال من السنة ٨ هـ خرج ﷺ إلى حنين

حلقة الغد (غزوة حنين) إن شاء الله.