ليلة النصف من شعبان ، ليلة عفو وغفران ، قال رسول الله – صل الله عليه وسلم : " يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " .في ليلة النصف من شعبان ، يغفر الله لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ، يغفر للمؤمنين ، ويدع الكافرين فيما هم عليه من كفر وشرك ، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه .فكيف يعبد المسلم ربه في تلك الليلة ويتقرب إليه ؟ يكون ذلك بتطهير القلب ، ليكون خاليا من الحقد والغش والحسد ، خاليا من كل عيب ، منزها من كل شر ، بالإمتثال لكل ما أمر الله به ، راجيا ما عنده من الفضل ، خائفا مما لديه من العقاب والعذاب ، حريصا على التمسك بسنة رسوله ، يحرص على أن يكون مخمُومَ القلب .سأل الصحابة رسول الله : يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان " .قالوا : صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : " هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ، ولا غل ، ولا حسد " .هذا الحديث يوضح أفضل الناس عند الله وأكرم الناس في ميزان الله رب العالمين ، وهو من هذب النفس وصفاها ، ورقق القلب وأعلاه ، وذلك بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله .وأما من كان في قلبه شيء من ذلك ، فهو بعيد عن المغفرة في ليلة النصف من شعبان ، التي يغفر الله فيها لأهل الأرض إلا للمشرك ، فإن ذلك لا يغفر له إذا مات على الشرك ولم يتب إلى الله ويعود إلى التوحيد ، وكذلك الذي انطوى قلبه على الشحناء ، والبغضاء والغل والحسد ، فهذا لا يناله شيء من المغفرة التي تتنزل على الخلق في ليلة النصف من شعبان .أما الحديث الذي يدعو إلى قيام ليلة النصف من شعبان ، وصيام نهاره ، فقد مال العلماء أنه حديث موضوع .فالأحاديث التي صحت ، لم تحثنا على صيام أو قيام في نصف شعبان ، لم يأت لها ذكر من كتاب ولا من سنة ، ولا من أعمال الصحابة ، ولا إجماع علماء الأمة ، لذا فإن ليلة النصف من شعبان ، لا نخصها بعبادة بعينها ، غير العبادات التي اعتادها الإنسان في سائر الليالي .لذا فإن تخصيص نصف شعبان بالصيام ، أملا في مزيد من الفضل ، لا أصل له ، وأما من اعتاد صيام الأيام الثلاثة البيض من كل شهر عربي ، وهي الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، فصامها في شعبان ، وكان من بينها يوم النصف من شعبان ، فله أن يفعل ذلك ، لأنه لم يقصد نصف شعبان .ينبغي أن نغتنم ما تبقى من شعبان ، استعداداً لرمضان .
المفضلات