ازدحمت ساحة القتال بالإبل والخيول ، انطلق المسلمون بسيوفهم فوق ظهور خيولهم ، ، وفجأة تفرقت إبل الأعداء في كل اتجاه ، بعدما أصابتها حالة من الذعر الشديد ، في تلك الموقعة التي دارت بين المسلمين ، وإحدى قبائل المشركين .

كانت تلك القبائل المشركة ، تسكن في مكان ، بين مصر والسودان ، كانوا يعبدون الأصنام ، أما زعيمهم الكبير ( علي بابا ) فكان يعبد صنما على هيئة صبي صغير ، يعظمه ويسجد له !

سبق لتلك القبائل أن عقدت هدنة مع المسلمين ، وكان من بين شروطها ، ألا يهاجموا أرض المسلمين ، وأن يدفعوا الجزية كل عام ، ولكنهم نقضوا العهد ، حينما تولى الخليفة المتوكل أمر الدولة الإسلامية ، فأظهروا التمرد والعصيان ، امتنعوا عن دفع ما اتفقوا عليه ، اعتدوا على المسلمين الذين يعملون في أرضهم ، فقتلوا بعضهم وألحقوا بهم ضررا كبيرا .

بعث والي مصر إلى الخليفة المتوكل ، وأخبره بما حدث ، أراد الخليفة أن يبعث جيوشا لغزو بلادهم ، فلما استشار أعوانه ، قالوا أن الإقدام على حربهم مغامرة عسكرية ، لأن الوصول إلى بلادهم ، يحتاج مسيرة شهر ، في طريق خال من الماء والطعام ، وقد يهلك الجنود قبل أن يصلوا إليهم ، فتراجع عن قراره ، ظن هؤلاء المشركين أن المسلمين عاجزون عن حربهم ، فبدأوا يهاجمون مدن الصعيد القريبة منهم .

غضب الخليفة المتوكل ، وعقد العزم على حربهم ، بعث قائدا إلى أرض مصر ، جعله واليا على بعض المدن القريبة من تلك القبائل ، مثل الأقصر ، وأسوان ، ثم أصدر المتوكل أمرا إلى والي مصر ، بأن يمد ذلك القائد بما يحتاجه ، من جنود وعتاد ، ومال وطعام .

جهز القائد المسلم جيشا كبيرا ، يزيد عن عشرين ألفا ، وجهز سفينة كبيرة ، ملأها بالدقيق والزيت والخل والشعير وغيرها ، وأصدر أمرا بأن تتحرك السفينة وترسو على شاطئ قريب من تلك القبائل ، حتى إذا نفد طعام الجيش تكون السفينة مددا لهم ، أما علي بابا قائد المشركين ، فقد أعد جيشا كبيرا ، ضعف جيش المسلمين ، كان جنوده مدربين على القتال فوق الإبل .

التقى الجيشان ، ودارت معارك حامية ، سقط خلالها عدد من شهداء المسلمين ، وأثناء المعركة ، لاحظ قائد المسلمين ، أن إبل الأعداء تشعر بالذعر من أي صوت غريب ، فقرر أن يستغل خوفها في هزيمتهم .

فلما انتهت معارك ذلك اليوم ، عاد المسلمون إلى خيامهم ، ورجع الأعداء إلى حصونهم ، أمر القائد بجمع الأجراس التي كانت مع بعض الجنود ، وعلقها في أعناق خيل المسلمين ، كي تصدر رنينا عند الحركة .

فلما أقبل الصبح ، والتقى الجيشان ، تقدم المسلمون ، وانطلقت خيولهم نحو أعدائهم ، فاخترقت صفوفهم ، خافت الإبل من صوت الأجراس ، وشردت هاربة بمن عليها ، فاضطربت صفوفهم ، ودب الخوف بينهم ، وحلت بهم هزيمة منكرة ، ووقع قائدهم علي بابا أسيراً .

عاد قائد المسلمين إلى الخليفة المتوكل ومعه علي بابا الأسير ، فأحسن استقباله ، هو ومن معه ، أكرمه وأعطاه رحلا لبعيره ، رغم أنه كان أسيرا في أيديهم .


تعهد علي بابا بأن يدفع ما اصطلح عليه للمسلمين من قبل ، وألا يعود مرة أخرى للهجوم على أرض الصعيد ، وألا يصيب أحدا من المسلمين بسوء .