الروضة الندية في الآداب الشرعية
10 آداب في الّلسان وفضل البيان
هذه عدة آداب(1) في اللسان وفضله وفيما يزينه وذم ما يشينه أسأل الله أن ينفع بها.
قال أبان ابن سليم: كلمة حكمة لك من أخيك، خير لك من مالٍ يعطيك لأنّ المال يطغيك والكلمة تهديك.
وقالوا:خير الكلام ما دلّ على هدىً، أو نهى عن ردّى.
وذكر عند الأحنف بن قيس:الصمت والكلام، فقال قومٌ: الصمت أفضل فقال الأحنف: الكلام أفضل لأن الصمت لا يعدو صاحبه، والكلام ينتفع به من سمعه، ومذاكرة الرّجال تلقيحٌ لعقولها.
وقال سعيد بن جبير:رأيت ابن عبّاس رضي الله عنه في الكعبة آخذاً بلسانه وهو يقول: يا لسان قل خيراً تغنم، أو اسكت تسلم.
وقالوا السّكوت سلامة، والكلام بالخير غنيمة، ومن غنم أفضل ممن سلم.
وقال أعرابيّ:من فضل الّلسان، أن الله عزّ وجلّ أنطقه بتوحيده من بين سائر الجوارح.
وقال عبد الملك بن مروان: الصمت نومٌ والنُّطق يقظة.
وقال خالد بن صفوان: ما الإنسان لولا اللسان إلاّ صورة ممثَّلة، أو بهيمة مرسلة، أو ضالّةٌ مهملة.
وقالو:إنما المرء بأصغريه: لسانه وقلبه.
وكان يقال: اللسان ترجمان الفؤاد، واللسان حيّة الفم.
وقالوا: المرء مخبوءٌ تحت لسانه.
وقال حسان بن ثابت: لساني وسيفي صارمان كلاهما ويبلغ ما لا يبلغ السّيف مذودي.
وفي ذمّ العيّ وحشو الكلام
قال أبو هريرة : لا خير في فضول الكلام.
وقال عطاء:كانوا يكرهون فضول الكلام.
وقال: بترك الفضول تكمل العقول.
وقال: فضول الكلام ما ليس في دين ولا دنيا مباحاً.
وقالوا: أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، وما ظهر معناه في لفظه.
وروى عبد الله بن عمر، أنّه قيل له: لو دعوت لنا بدعواتٍ. فقال: اللّهم اهدنا وعافنا وارزقنا.فقال رجلٌ لو زدتنا يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: أعوذ بالله من الإسهاب.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:من كثر كلامه كثر سقطه.
وقال أبو العتاهية:
الصّمت أليق بالفتى ... من منطقٍِ في غير حينه
لا خير في حشو الكلا ... م إذا اهتديت إلى عيونه
وقال بعض قضاة عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - وقد عزله: لم عزلتني: قال: بلغني أنّ كلامك مع الخصمين أكثر من كلام الخصمين.
وكان مالك بن أنس يعيب كثرة الكلام ويذمّه ويقول: كثرة الكلام لا توجد إلاّ في النّساء والضعفاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "الروضة الندية في الآداب الشرعية" والتي جمعت من كتاب "بهجة المجالس وأنس المجالس" للحافظ ابن عبد البر رحمه الله.
المفضلات