من بعد حضنكِ لا حضنٌ ولا سكنُ
وليس عنكِ بمغنٍ في الدنى وطنُ
سكنتِ جنبي فعاد الأمنُ يسكنني
وغادر الهمُّ قلبي وانتفى الحزَنُ
وبِتِّ تنوين عن أبصارنا ظعَناً
إلى ديارٍ ضناها البعدُ والظعَنُ
فيها كما هاهنا مهْجٌ وأفئدةٌ
شكَتْ شهوراً وقد فارقَها البدنُ
إن غبتِ عنّا لذيذُ النومِ يهجرُنا
وإن تعودي يلذُّ النومُ والوسنُ
بالأمس كنا صغاراً حول جنّتنا
ندنو فتحنو فطار العمرُ والزمنُ
واليوم أصغرنا جاز الأشُدَّ ولا
يزال منها إليهِ يدْررُ اللبنُ
لله درّ الأمومة ما يكافئها
فلا جزاءٌ لها يوفي ولا ثمنُ
نالت مع اللين إيثاراً ومرحمةً
فكل وجهٍ لها من أمرها حسَنُ
من عطفها يسرق الإشفاقُ بهجتَها
ويقتني سرَّها من صدقها العلنُ
سيجزي اللهُ بالإحسان مسلكَها
وهل جزا البرِّ إلا الشكرُ والمننُ
ثوابها ليس إلا عند بارئها
في جنةٍ لا أسى فيها ولا شجنُ
تنال فيها الذي أسدَته مهجتُها
بروضةٍ حيث طاب العيشُ والسكنُ
المفضلات