حين تُظلم المرأة ممن حولها تظلم بالتالي كل من حولها !
بدأت حكايتها بتلك العبارة ، قبل أن تسرد ما حدث عند انكشاف أمر تورط زوجها وابن عمتها في علاقة مع أخرى !
همست لي بأنها علمت بالأمر من بدايته لكنها فضلت التروي والصمت في محاولة هادئة لاستعادته .
لم تتوقع أن يدري أشقاؤها بالموضوع ، ليجن جنونهم ويفضحوه في ثورة غضبهم مما دفعه للإسراع بإعلان زواجه منها !
كان أول ما فعله شقيقها ، أن اقتحم البيت مثل مخبول طالبا منها لم أمتعتها وأولادها الثلاثة والرحيل الفوري عن منزل ذلك الخائن ، فقد أهان زوجها كرامة شقيقته مما يعني إهانة العائلة بأكملها !
رحلت من بيتها بانفصال غريب ومؤلم عن كل شيء ، سارت وراءه مثل فراشة قبض عليها وحبست في زجاجة أحكم شقيقها الثائر اغلاقها فكانت ترى ما يحدث حولها لكنها غير قادرة على التنفس أو التحليق خارج الزجاجة !
وهناك في بيت عائلتها لم تعد تسمع سوى أصوات توغر صدرها عليه ، وتأنيبات لأنها لم تطلب الطلاق ، ومطالبات أن يتم تخييره بين تطليق الثانية أو تطليقها هي !
نقلوا إليه رأيهم على أنه رأيها الذي لم يسألها عنه أحد ، فلم يكن أمام الزوج سوى خيار تطليقها هي ، فهو في موقف تحد ويرفض مبدأ الاجبار ، بل وترفض عائلته هو الآخر موقف مواجهة امرأة حتى لو كانت ابنة عمته وأم أولاده !
رفعت عيناها المملوءتان بالقهر قائلة : لم أكن أبغي الطلاق ، ولم يترك لي أحد المجال لأقول ذلك ، فكل ما يدور حولي جعلني في شبه غيبوبة ، حرمتني من حقي في التعبير والتصريح والتساؤل والمواجهة فانتقمت من أولادي بضربهم وتعذيبهم بدون مبرر !
مر على ذلك الموقف عشرون عاما ، عانت فيها ما عانت ، وصارعت الحياة كي تتمكن من الوقوف في مواجهة مأساة انفصالها الاجباري عن زوجها واضطرارها إلى تشتيت أسرتها الصغيرة ووضع أطفالها تحت رحمة أشقائها .
لم يعاملها أحد باحترام كما ظنت في بداية الأمر ، ولم يعطف أي منهم على أولادها ، بل كانوا يشتمونهم وينعتونهم بأولاد الخائن ، وجارتهم هي في الأمر حتى كبروا منكسرين ، منطوين أسفل جبروت مأساة لم يكن لهم ذنب فيها ، فتحولت مع الأيام إلى عقد نفسية بدأت تظهر في نتائج الدراسة وتصرفاتهم .
قالت إنها عجزت عن فتح فمها كي تقول إنها لا تريد أن تحمل لقب مطلقة وأن تثقل صدور أبنائها بوزر التشرد واللجوء في بيوت الآخرين ، لكن ما حدث كان لعبة تحد ظالمة ، حولتها إلى ضحية وسحقت فرحتها إلى الأبد !
التقت طليقها بعد كل تلك الأعوام العصيبة ، أمام بوابة المستشفى الذي يستوطنه ولدهما الأكبر بسبب معاناته من انهيارات عصيبة متكررة أجبرته على قضاء نصف حياته فيها ، وكانت نظراته إليها تحمل حوار عتاب طويل ، ونظراتها إليه تحمل عذابات
ظلم وقع عليها فأوقعته على من حولها لكنها لم تجرؤ على أن تنبس ببنت شفة ، فهو يقف قبالتها مثل أي غريب لم تلتق به من قبل !
المفضلات