يعاني بعض الأفراد من مشكلة نقص تروية عضلة القلب التي تحدث عندما تتم إعاقة تدفق الدم المزود بالأوكسجين إلى تلك العضلة نتيجة لانسداد جزئي أو كامل في أحد الشرايين التاجية ، وتزداد هذه المشكلة سوءاً بشكل خاص في فترات التوتر والضغط النفسي أو الإجهاد الجسدي .

يقول الأطباء المتخصصون في الأمراض القلبية إن الإنسداد المزمن والمفاجئ في تلك الشرايين التي تصبح متصلبة قد يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية ، كما أن مشكلة نقص تروية عضلة القلب قد تتسبب في عدم انتظام نبضات القلب ، وهو ما قد يؤدي بالتالي إلى وهن شديد أو موت مفاجئ .

تتضمن أبرز أعراض مشكلة نقص تروية عضلة القلب إحساس المرء بألم في الصدر ، ألم في الرقبة أو الفك ، ألم في الذراع ، قصر النفس ، خناق صدري ، أو غثيان وإقياء ، ولكن لدى بعض الأشخاص ، وخاصة المصابين بداء السكري ، فإن مشكلة نقص تروية عضلة القلب قد لا تحدث أي أعراض لدى هؤلاء ، في حالات أخرى أيضا قد لا تكون هناك أي أعراض لدى المصابين بنقص تروية عضلة القلب ، وهنا يسمى المرض بمرض نقص تروية عضلة القلب الصامت .

على كل حال ، إذا حدث أي عرض من أعراض هذه المشكلة فإنه قد يستمر ما بين 20-2 دقيقة ، وغالبا ما يصف المرضى الألم بأنه عبارة عن ألم شديد جدا ، أو إحساس بالثقل ، ويؤكد هنا الأطباء ضرورة عدم إهمال أي عرض من الأعراض مهما كانت مدته قصيرة لأن المراجعة الطبية الفورية قد تنقذ حياة المرضى ، وتوفر لهم إجراءات وقائية وعلاجية فعالة .

اختبارات شخصية :

يعتمد تشخيص مشكلة نقص تروية عضلة القلب على ما إذا كانت هذه المشكلة مصحوبة بالأعراض ( خاصة الخناق الصدري ) ، أو إن كانت صامتة ، ويشير الأطباء إلى أن نوبات الخناق الصدري تتضاعف مع وجود عوامل خطر لأمراض القلب ، وهو ما قد يدفع الطبيب المعالج لطلب فحوصات معينة للكشف عن الإنسداد في الشرايين التاجية ، وبشكل عام تسعى المنظمات الطبية جاهدة لتحديد عدد أكبر من الأفراد المصابين بمرض نقص تروية عضلة القلب الصامت عبر اللجوء لاستخدام أكثر الفحوصات الطبية المتاحة ، ومن أبرز تلك الفحوصات ما يلي :

- تخطيط القلب الكهربائي : هذا الإجراء من الإجراءات الآمنة السريعة التي لا تسبب أي ألم ، وعادة يتم اللجوء إليه في حال كان هناك شك في وجود أي مشكلة قلبية ، يقوم جهاز تخطيط القلب بتسجيل النشاط الكهربائي للقلب حيث يتم ظهور رسم بياني على شريط ورقي ، ولكن هذا الإجراء يمكن أن يكشف مشكلة نقص تروية عضلة القلب فقط في حال حدوث عرض رئيسي من أعراضها أثناء التخطيط .

- اختبار الجهد البدني : هذا الإجراءا هو الأكثر استخداما للكشف عن مرض نقص تروية عضلة القلب الصامت ، ويتم فيه استخدام جهاز تخطيط القلب الكهربائي بينما يمارس المريض نشاطا بدنيا على دراجة ثابتة ضمن سرعات متفاوتة بحيث يتم قياس وتقييم كفاءة القلب تحت تأثير الجهد البدني ، وهذا الإختبار غالبا ما يجري باستخدام جهاز تخطيط صدى القلب . ولكن إذا كان المريض لا يستطيع ممارسة ذاك النشاط البدني ، فإن البديل هنا يكون إعطاءه دواء معينا يجعل رد فعل القلب وكأن المريض يمارس نشاطا جسديا . ويقول الأطباء إن هناك بعض الأدوية التي تزيد معدل نبضات القلب ، وأدوية أخرى تزيد تدفق الدم لأنها تعمل على توسيع الشرايين التاجية ، على كل حال ، فإن أي واحد من هذين الإجراءين ( الجهد البدني أو الأدوية ) يمكن أن يكون مصحوبا باختبار الجهد النووي الذي يتضمن عنصرا إضافيا يؤدي إلى إنتاج صور واضحة جدا للقلب تظهر الفروقات بين البقع الداكنة والفاتحة ، وهذه الفروقات تكشف عن أي تناقص يحدث في تدفق الدم قبل ، خلال ، أو بعد الجهد .

- جهاز هولتر : يستخدم هذا الجهاز على وجه التحديد لرصد نبضات القلب ، كما يساعد في تقييم فعالية الأدوية ، وخصوصا الأدوية المضادة لعدم انتظام نبضات القلب ، إن كان المريض يستخدمها ، وفي بعض الحالات قد يتم تزويد المريض بمسجل خاص يتم تحفيزه بواسطة المريض فقط عندما يتم الكشف عن وجود خلل أو شذوذ قلبي ما ، ثم يتم بعد ذلك حفظ النتائج في المسجل ليتم تقييمها من قبل الطبيب فيما بعد .

- تحليل عينة من الدم : هذا الإجراء يعد من الإجراءات الجديدة حيث يتم تحليل عينة من الدم لقياس مستويات بروتين يدعى " الأبومين " ، والتي ترتفع نتيجة لحدوث نوبة قلبية ، هذا التحليل يساعد الأطباء على التمييز بدقة أكبر ما بين الألم الصدري والنوبة القلبية . وينصح باللجوء إليه بالتزامن مع خضوع المريض لجهاز تخطيط القلب الكهربائي ، وإجراء تقييم أيضا لمستويات الإنزيم القلبي .

خيارات العلاج :

نظراً لأن نقص تروية عضلة القلب يرتبط بعدم حصول القلب على الكمية الكافية من الأوكسجين ، فإن أحد خيارات العلاج يتضمن تقليل حاجة القلب للأوكسجين ، أو تحسين استفادته من الأوكسجين المتاح ، وهو ما قد يستدعي أخذ أدوية تبطئ نبضات القلب ، تقلل ضغط الدم ، توفر الاسترخاء والراحة للأوعية الدموية ، وتقلل فرص تشكل خثرة أو جلطة دموية في الشريان المتضيق ( وهو ما قد يحفز حدوث نوبة قلبية ) .

ومن الإجراءات المهمة التي يمكن أن تساعد المريض أيضا اتباع أو ممارسة إحدى التقنيات التي تخفف التوتر النفسي ، وفي بعض الحالات قد يختار الأطباء معالجة العوامل الكامنة التي قد تؤدي إلى حدوث نقص تروية في عضلة القلب كارتفاع ضغط الدم ، فقر الدم ، وفرط نشاط الغدة الدرقية .


يقول الأطباء إنه في حال فشل الإجراءات السابقة في معالجة مرض نقص تروية عضلة القلب فإنه قد يتم اللجوء إلى إجراءات أخرى غالبا ما تكون ناجحة كاستخدام البالون لتقويم الأوعية الدموية حيث يساعد ذلك على التخلص من الإنسداد في الشرايين التاجية ، وهو ما يسمح بالتالي بزيادة تدفق الدم إلى القلب .