هذه حكاية امرأة شجاعة ، خرجت مع زوجها عكرمة بن أبي جهل إلى ساحة القتال ، نال عكرمة – رضي الله عنه – الشهادة ، فحزنت لفرافقه ، إنها أم حكيم بنت الحارث .
تقدم لخطبتها الصحابي الجليل خالد بن سعيد بن العاص ، عقد عليها بعد مدة من استشهاد زوجها .
تحرك بعد ذلك جيش المسلمين ، نزل بمكان آخر استعدادا لمعركة قادمة ، أراد خالد بن سعيد – رضي الله عنه – أن يقيم عرسه في ذلك المكان ، عرض الأمر على زوجته أم حكيم ، ولكنها اقترحت تأجيل العرس إلى ما بعد المعركة القادمة ، ولكنه قال لها : أشعر أنني سأنال الشهادة في هذه الموقعة . فوافقت على ذلك .
فلما غابت الشمس ، وأقبل الليل دخل الصحابي الجليل وزوجته خيمته الصغيرة ، يحيط بها مجاهدون مرابطون في سبيل الله ، مرت الليلة هادئة ، فلما أقبل الصبح ، أقام خالد بن سعيد – رضي الله عنه – وليمة لأصحابه ، ولكن قبل أن ينتهوا من طعامهم ، أقبل الروم بجنودهم .
وقف الفريقان صفوفا ، خرج أحد الكافرين متحديا أمام الصفوف ، وطلب من يبارزه ، فخرج إليه أحد أبطال المسلمين ، بارزه ثم سدد إليه ضربة خاطفة أردته قتيلا .
بدأت المعركة بين المسلمين وجنود الروم ، دار بينهم قتال عنيف ، برز خالد بن سعيد – رضي الله عنه – الذي كان عرسه بالأمس ، كان مقداما ، كشأن طلاب الشهادة ، كان صادقا في طلبها ، فرزقه الله إياها ، نال الشهادة قبل مرور يوم على زواجه .
علمت أم حكيم بخبر استشهاد زوجها ، كانت في خيمتها ، قررت أن تخرج للجهاد ، لبست درعاً يغطي وجهها ، لم تجد سيفا تقاتل به ، فخلعت عمود خيمتها ، التي شهدت بالأمس عرسها واندفعت وسط المعركة ، فلم يدرك أحد أنها إمرأة بين الرجال .
بدت أم حكيم كأنها مقاتل شجاع ، راحت تضرب أعداء الله بعمود الخيمة ، فقتلت به سبعة منهم !
وقد أبلى المجاهدون في تلك المعركة أحسن البلاء ، حتى كتب الله لهم النصر في الموقعة .. موقعة " مرج الصفر " .
كان الشهيد خالد بن سعيد ، رابع رجل يدخل في الإسلام ، فقد رأى في منامه ، حلما عجيبا قبل إسلامه ، رأى أنه يقف على حافة نار متأججة ، ثم رأى أباه يدفعه فيها ولكن محمدا – صل الله عليه وسلم – أمسك به كي لا يقع في تلك النار .
فلما استيقظ من نومه ، قال لنفسه : أحلف بالله أن هذه لرؤيا حق . ثم خرج سعيد من داره ، فالتقى بأبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وقص عليه رؤياه ، فقال له أبو بكر : لقد أراد الله بك خيرا .
فسَّر أبو بكر له رؤياه ، بأنه سيتبع رسول الله ، ويدخل معه في الإسلام ، وسيمنعه ذلك من أن يقع في النار ، أما أبوه واقع فيها .
ذهب خالد بن سعيد إلى النبي ، نطق خالد بالشهادتين ودخل الإسلام ، ففرح به رسول الله – صل الله عليه وسلم .
فلما علم أبوه بإسلامه ، حزن حزنا شديدا ، وأرسل في طلبه ، فلما رآه انهال عليه ضربا بعصا كانت في يده ، حتى تكسرت على رأسه وحرمه من الطعام والشراب ، وحذَّر إخوانه من عونه ومساعدته ، فذهب خالد إلى رسول الله ، ظل ملازما له ، وتعرض لأذى المشركين فهاجر إلى الحبشة ، ثم هاجر إلى المدينة بعد أن هاجر إليها رسول الله ، وظل مجاهداً حتى نال الشهادة .
المفضلات