عندما يبلغ طفلك سنتين من العمر ، يكون من الأفضل أن تتخيلي كيف يمكن أن تكون الحياة من وجهة نظره ليسهل عليك التعامل معه ، فهذا الصغير يتوق في هذه المرحلة من حياته لاكتشاف كل ما يدور حوله ، وهو ما يستدعي بالتالي تشجيعه وفي الوقت نفسه تعليمه بعض الأمور المهمة لسلامته ، وهكذا سيعتاد تدريجيا كيف يكون ولدا مطيعا يسمع الكلام ويقلل الجدال ، فكيف تبدئين ؟

إن كان صغيرك عدوانيا مع الأطفال الآخرين ، عليك أن تنتبهي للصغار ، وتقولي لطفلك بحزم : " لا ، هذا التصرف مرفوض تماما " ، وبهدوء دعيه يرى كيف يجب أن يتصرف مع الآخرين .

بكل الأحوال لا ترفعي صوتك وأنت تتكلمين معه فهذا سيزعجه كثيرا ، ولن يجعله يتجاوب معك .
جربي مثلا أن تقولي له سآخذ لعبتك لمدة دقيقة ، وعندما تعيدين له لعبته ستمنحينه الفرصة ليرى كيف يجب أن يتصرف ، فإن لم يفعل ، خذي اللعبة لدقيقة أخرى ، وهكذا ...

قبل الحديث عن طريقة التعامل مع طفلك عليك أن تعرفي أنه بات يعرف أن لديه تأثيرا ما بشكل أو بآخر عليك أو على من حوله عموما ، فعلى سبيل المثال ، هو يعرف أنه لو رفض أن يأكل طبق الخضروات الذي حضرته من أجله ، سيكون هناك شيء آخر تقدمينه له .

باختصار هو لا يمكن في هذه السن أن يرى العالم من وجهة نظر أي أحد غيره فهو يريد كل شيء وأي شيء ، أما ما تريدينه أنت فليس من ضمن اختصاصه .

في الوقت الذي قد يبدو فيه أن تقييد طفلك معاكس لتركه يصل إلى الاستقلالية ، من الضروري جدا في الحقيقة وضع بعض الضوابط والقيود الصارمة له لأن ذلك يجعله يشعر بالأمان ، وهو ما يسهم بالتالي في تطور شخصيته واتجاهه نحو الاستقلالية .

عموما ، من اللحظة التي تبدئين فيها وضع روتين محدد لصغيرك سواء كان عمره خمسة أسابيع أو خمسة أشهر ، فأنت تضعين له ضوابط وحدود معينة وهو ما يساعده على الإحساس بمعنى الاستمرارية فهو يستيقظ كل يوم ، تغيرين حفاضه ، تبدلين ملابسه ، ومن ثم تقدمين له طعامك ، ومثل هذه الإجراءات اليومية تؤسس لثقة راسخة قوية بينك وبينه .

حين يتعلق الأمر بسلوك طفلك وتصرفاته ، يمكنك هنا البدء في تعليمه وضع حدود لنفسه وهذا من أفضل الأمور التي يمكن أن يتعلمها منك لأنها ستبقى من الأساسيات بالنسبة له طوال عمره ، وستساعده فيما بعد في بناء علاقات جيدة مع الآخرين كأن تقولي له مثلا : " إلعب بلطف مع رفاقك " .

أو " لا ترفع صوتك كثيرا وأنت تتكلم " ، وهكذا .. ، لكن بالطبع لا يعني ذلك أن طفلك سيكون ملاكا فالأمر لن يخلو بالتأكيد من صفعة ربما على رأس أخيه ، أو شيء ما يرميه على الأرض ، إلا أن كونك قدوة بالنسبة له في تصرفاتك ، وإصرارك بلطف لكن

بحزم أيضا على تعليمه الفرق بين الخطأ والصواب سيجعلك ترين بعد وقت نتائج إيجابية ، وحين ترين هذه النتائج كافئيه على تصرفه الحسن لتشجيعه على أن يكون ولدا جيدا ، لكن هل تعلمين أن الجائزة الأفضل بالنسبة لصغيرك هي حبك ومعانقتك له ، لذلك لا تبخلي عليه بين الحين والآخر بقبلة وعناق حنون .

من المهم جدا أيضا لتشجيعه أن تعيريه الاهتمام وأن تستجيبي له عندما يتصرف بالطريقة التي تحبينها ، وهكذا سيستمر في التصرف غالبا بشكل جيد .

بالطبع هناك أسباب عديدة ومختلفة يمكن أن تؤدي إلى حدوث نوبة غضب لدى طفلك الذي قد يكون جائعا ، متعبا ، مريضا ، أو يشعر بالملل ، وفي بعض الأحيان قد يؤدي تغيير الروتين الذي اعتاد عليه لسبب أو آخر إلى اضطرابه ، كذلك قد يشعر بالتوتر إذا ما كان

الجو المحيط به متوترا ، لكن السبب الأكبر لنوبة الغضب لدى طفلك هو كما سبق وذكر لأنه لا يستطيع رؤية العالم من حوله من وجهة نظر الآخرين ، لذلك عندما ينفعل بعصبية فإنه لا يفعل ذلك ليزعجك ، وإنما هي طريقة للتواصل وللتعبير عما يريد ، ولعدم إدراكه لماذا لم يحصل على ما يريده ، بتعبير آخر ، عندما يشعر صغيرك بأن هناك خطأ ما ولا يعرف كيف يصححه فإنه يريد منك أنت أن تقومي بذلك .


من هذا المنطلق ، وكيف يفكر صغيرك ، يمكنك التعامل معه بطريقة سلسة نوعا ما في معظم الحالات .