النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قلة الإيمان سبب مصائبنا(حلقات لكيفية تقويتها)

  1. 1
    إدارة المنتدى - مسندم نت
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    1,872
    أمة الله غير متواجد حالياً

    افتراضي قلة الإيمان سبب مصائبنا(حلقات لكيفية تقويتها)


    الأسبابُ المعينةُ على زيادةِ الإيمان وتقوِيَتِه

    ( الحلقة الأولى )
    المقدِّمة
    الحمدُ الله على إحسانه، والشُّكرُ له على توفيقه وامتنانه, وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له تعظيمًا لشأنه, وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه الدَّاعي إلى رضوانِه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا مزيدًا إلى يوم الدِّين.
    أمـــا بعـــد ..
    فلقد جعل الله سبحانه وتعالى لكلِّ مرغوبٍ ومطلوبٍ سببًا وطريقًا موصلاً إليه, وإنَّ من أهمِّ وأعظمِ المطالب وأعمِّها نفعًا هو الإيمان, وقد جعل الله له موادَّ كثيرةً تَجلبه وتقوِّيه, وأسبابًا عديدةً تزيده وتنمِّيه, إذا فعلها العبد قوي يقينه، وزاد إيمانه, بينَّها الله سبحانه تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
    فمِمَّا جاء من ذلك في الكتاب العزيز:
    قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
    [الأنفال: 2].
    وقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}
    [الحجرات: 15].
    وقال تعالى:{وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}[المائدة: 9].
    وقال تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[التَّوبة: 124].
    ومِمَّا جاء من ذلك في السُّنَّة المطهَّرة:
    فقول النِّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم:« الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا: قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ » (1).
    وقوله صلواتُ الله وسلامه عليه:« أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا » (2).
    وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم:« لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ » (3).
    وكذلك كان أصحاب القرون المفضلَّة ومَن بعدهم رضي الله عنهم ورحمهم يتعاهدون إيمانَهم, ويتفقَّدون أعمالَهم، ويتواصون بينهم على ذلك.
    فمِمَّا ورد عنهم في هذا الباب:
    أ - ما روي عن الفاروق عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يقول لأصحابه:هَلُمُّوا نزدادُ إيمانًا) (4).
    ب - كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول:اجلسوا بنا نزدد إيمانًا) (5).
    ج - وكان رضي الله عنه يقول في دعائه: (اللهم زدنا إيمانًا ويقينًا وفقهًا) (6).
    د - وسئل الأوزاعي - رحمه الله - عن الإيمان أيزيد ؟ قال: (نعم حتى يكون كالجبال) فقيل أينقص؟ قال: (نعم حتى لا يبقى منه شيء) (7).
    هـ - وسئل الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - عن الإيمان فقال: (الإيمان قول وعمل يزيد وينقص, إذا عملت الخير زاد وإذا ضيعت نقص) (8).
    والنُّقول عن الأئمَّة في هذا البابِ كثيرةٌ جدًّا.
    هذا ما تيسَّر ذكره في هذه المقدَّمة.
    وعلى أمل اللِّقاء بكم في الحلقة الثَّانية من هذه السِّلسلة بإذن الله تعالى، والتي تشتمل على بيان السَّبب الأوَّل لزيادة الإيمان وتقويته.
    والله هو الموفِّق، وعليه التُّكلان، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    الهوامش:
    1- أخرجه بِهذا اللَّفظ مسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان عَدَد شُعَب الإيمان وأفضلها وأدناها إلخ، برقم: (35)، وأخرج البخاريّ بعضه في كتاب الإيمان، باب: أمور الإيمان، برقم: (9).
    2- أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السُّنَّة، باب: الدَّليل على زيادة الإيمان ونقصانه، برقم: (4682) والتِّرمذيّ في سننه، كتاب الرَّضاع، باب: ما جاء في حقِّ المرأة على زوجها، برقم: (1162) وتتمتُّه عنده:«وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا ».
    وصحَّحه الشَّيخ الألباني في (سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)(1/1/573) برقم: (284).
    3- أخرجه البخاريّ في كتاب الإيمان، باب: من الإيمان أنْ يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه، برقم:18) ومسلم في كتاب الإيمان، باب: الدَّليل على أنَّ من خصال الإيمان أنْ يُحبَّ لأخيه المسلم ما يُحبُّ لنفسه من الخير، برقم: (45).
    4- أخرجه ابن أبِي شيبة في (المصنَّف)(7/219) وفي كتاب (الإيمان)ص41 برقم: (108) والخلاَّل في كتاب (السُّنَّة)(4/39و40) برقم: (1122) وفي (5/49) برقم: (1584) وابن بطَّة في كتاب الإيمان من (الإبانة الكبرى)(2/846و847) برقم: (1134) واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة) (3/5/1012) برقم: (1700) والآجُرِّي في كتاب (الشَّريعة)ص113 برقم: (217) والبيهقيُّ في (شعب الإيمان)(1/144) برقم: (36).
    قال الشَّيخ الألباني في تحقيق كتاب (الإيمان) لشيخ الإسلام ص177:"رجاله ثقات لكنَّه منقطع".
    5- أخرجه البيهقيُّ في (شعب الإيمان)(1/149) برقم: (44).
    6- أخرجه عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه في كتاب (السُّنَّة)ص187 برقم: (797) والطَّبرانِيُّ في (المعجم الكبير)9/105) برقم: (8549) والبيهقيُّ في (شعب الإيمان)(1/149) برقم: (45) وابن بطَّة في كتاب الإيمان من (الإبانة الكبرى)(2/846) برقم: (1132) ومن طريق الإمام أحمد؛ الخلاَّل في كتاب (السُّنَّة)(4/39) برقم:1120) والآجرِّي في (الشَّريعة)ص113 برقم:218) واللالكائيّ في (أصول اعتقاد أهل السُّنَّة)(3/5/1013) برقم: (1704).
    قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري)(1/68) :"إسناده صحيح".
    7- أخرجه اللالكائيُّ في (شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة)(3/5/1030) برقم: (1740).
    8- أخرجه الخلاَّل في كتاب (السُّنَّة)(1/3/582) برقم: (1013)
    منقول
    التعديل الأخير تم بواسطة أمة الله ; 13-04-2013 الساعة 10:38 PM
    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    " من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس " رواه الترمذي .

  2. 2
    مشرف قسم الطب والصحة
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    العمر
    39
    معدل التقيم
    24
    التعليقات
    9,154
    فتى الجادي غير متواجد حالياً

    افتراضي رد: قلة الإيمان سبب مصائبنا(حلقات لكيفية تقويتها)

    جزاج الله خير
    شكرا على الطرح الاسلامي
    أختي
    أمة الله
    ساكتب على قبري اني اهواك لانهم قاتلوني على ان انساك* يا من ملكت قلبي وروحي * يا من سحقت الاقزام وصغرت الكبار * يا من اعطيتي شغفا وحبا وعشقا * حبي لك يا ريال مدريد

  3. 3
    إدارة المنتدى - مسندم نت
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    معدل التقيم
    36
    التعليقات
    21,266
    قصيد غير متواجد حالياً

    افتراضي رد: قلة الإيمان سبب مصائبنا(حلقات لكيفية تقويتها)

    تسلمين خيتي أمة الله على الفوائد القيمة والطرح المميز

    بوركتي غاليتي



    قصيد


  4. 4
    إدارة المنتدى - مسندم نت
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    1,872
    أمة الله غير متواجد حالياً

    افتراضي رد: قلة الإيمان سبب مصائبنا(حلقات لكيفية تقويتها)

    وجزاكم الله خيرا
    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    " من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس " رواه الترمذي .

  5. 5
    إدارة المنتدى - مسندم نت
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    معدل التقيم
    16
    التعليقات
    1,872
    أمة الله غير متواجد حالياً

    افتراضي رد: قلة الإيمان سبب مصائبنا(حلقات لكيفية تقويتها)





    ( الحلقة الثَّانية )


    الحمدُ لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
    أمَّا بعد:

    اعلم - رحمنِي الله وإيَّاك - أنَّ من أهمِّ وأنفعِ الأسبابِ المعينةِ على زيادةِ الإيمانِ وتقويَتِه: تَعلُّمُ العِلمِ النَّافِع.

    و(العلمُ النَّافع) هو علمُ الشَّريعةِ المستمدُّ من كتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.

    فمن وُفِّقَ لِهَذا العلمِ؛ فقد وُفِّقَ لأعظم الأسباب المعينة على تقوية الإيمان.

    والأدَّلة متضافرةٌ على ذلك من الكتاب والسُّنَّة.

    فمِمَّا جاء من ذلك في الكتابِ العزيز:

    قول الله سبحانه وتعالى:{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء } [فاطر: 28].
    قال العلاَّمة ابن كثير في تفسير هذه الآية (3/531):"أي: إنَّما يَخشاه حقَّ خشيتِهِ العلماءُ العارفون به؛ لأنَّه كلَّما كانت المعرفةُ للعظيمِ القديرِ العليمِ الموصوفِ بصفاتِ الكمال والمنعوتِ بالأسماء الحسنى كلَّما كانت المعرفة به أتَمّ، والعلمُ به أكمل؛ كانت الخشيةُ له أعظمُ وأكثر".

    وقال تعالى:{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ } [الزُّمَر: 9].

    وقال عزَّ وجلَّ:{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }[المجادلة: 11].

    ومِِمَّا جاء في السُّنَّة النَّبويَّة المطهَّرة:

    ما رواه أبو الدَّرداء رضي الله عنه قال: سَمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:« مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ, وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ, وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ, وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ, وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ, وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا, وَرَّثُوا الْعِلْمَ, فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ » (1).
    وعن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:« وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ » (2).
    وعن معاوية بن أبِي سفيان رضي الله عنهما قال: سَمعتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ » (3).

    وعن أبِي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال:« مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ » (4).
    قال ابن القيِّم في (مفتاح دار السَّعادة)ص76 في التَّعليق على هذا الحديث:"شَبَّهَ صلَّى الله عليه وسلَّم العلم والهدى الذي جاء به بالغيث؛ لِما يَحصلُ بكلِّ واحدٍ منهما من الحياةِ والمنافع والأغذيةِ والأدويةِ وسائرِ مصالِحِ العباد، فإنَّها بالعلم والمطر".
    وهذا الحديث نظير قولِه سبحانه:{ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ } [الرَّعد ].

    قال ابن القيِّم في (مفتاح دار السَّعادة)ص77:"شَبَّه سبحانه العلمَ الذي أنزله على رسولِهِ بالماء الذي أنزله من السَّماء؛ لِمَا يَحصل لكلِّ واحدٍ منهما من الحياةِ ومصالِحِ العبادِ في معاشِهِم ومعادِهِم، ثُمَّ شبَّه القلوبَ بالأوديةِ، فقلبٌ كبيرٌ يسع علمًا كثيرًا كوادٍ عظيمٍ يسعُ ماءً كثيرًا، وقلبٌ صغيرٌ يسع علمًا قليلاً كوادٍ صغيرٍ إنَّما يسعُ ماءً قليلاً، فقال:{ فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا }
    هذا مثلٌ ضربه اللهُ تعالى للعلمِ حين تُخالِطُ القلوبَ بشاشتُه، فإنَّهُ يَستخرجُ منها زبدَ الشُّبهاتِ الباطلة، فيطفو على وجه القلبِ كما يَستخرجُ السَّيلُ من الوادي زبدًا يعلو فوق الماء، وأخبرَ سبحانَهُ أنَّه رابٍ يطفو ويعلو على الماء لا يستقرُّ في أرض الوادي، كذلك الشُّبهاتُ الباطلةُ إذا أخرجها العلمُ رَبَتْ فوق القلوب وطَفَت، فلا تستقرُّ فيه، بل تُجفى وتُرمى، فيستقرُّ في القلبِ ما ينفعُ صاحِبُه".

    والأدلَّةُ على فضلِ العلمِ كثيرةٌ فِي كتابِ الله وفِي سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم،

    وقد ذكر العلاَّمة ابن القيِّم في كتابه (مفتاح دار السَّعادة) أكثر من مائةٍ وخَمسين وجهًا من وجوه فضل العلم وشرفه.

    ويقول الرَّبِيع: سَمعتُ الشافعيَّ رحمه الله يقول: (طَلَبُ العلمِ أفضلُ من الصَّلاةِ النَّافلة) (5).

    قال الحافظ ابن رجب في (لطائف المعارف)ص183:"وقد نصَّ الأئمَّة الأربعة على أنَّ طلب العلم أفضلُ من صلاة النَّافلة، ... فإنَّ العلمَ مصباحٌ يُستضاءُ به في ظُلمةِ الجهل والهوى، فمن سارَ في طريقٍ على غير مصباحٍ لَم يأمنْ أنْ يقعَ في بئرٍ بَوارٍ فيعطب، قال ابن سيرين: إنَّ أقوامًا تركوا العلمَ واتَّخذوا مَحاريب فصاموا وصلُّوا بغيرِ علم، واللهِ ما عَمِلَ أحدٌ بغيرِ علمٍ إلاَّ كان ما يُفسدُ أكثر مِمَّا يُصلح".

    فعلينا إخوتِي الأحبَّاء أنْ نستكثر من طلب العلمِ النَّافع؛ لنزدادَ يقينًا بوعد الله ووعيده، ونزدادَ معرفةً به سبحانه وبأسمائه الحسنَى وصفاته العلى، ولنعبدَهُ جلَّ وعلا على ما جاء به رسوله الكريم عليه أفضل الصَّلاة والتَّسليم، فيزداد بذلك إيمانُنا، ويقوى يقينُنا.

    وعلى أمل اللِّقاء بكم في الحلقة الثَّالثة من هذه السِّلسلة بإذن الله تعالى، والتي تشتمل على بيان السَّبب الثَّانِي لزيادة الإيمان وتقويته.
    والله هو الموفِّق، وعليه التُّكلان، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    الحواشي:
    1- أخرجه أبو داود (3641) والتِّرمذيّ (2682) وابن ماجه (223) وصَّححه العلاَّمة الألبانِيّ في (صحيح الجامع)(2/1079) برقم6297).
    2- أخرجه مسلم (2699).
    3- أخرجه البخاري في مواضع منها برقم71) ومسلم (1037).
    4- أخرجه البخاري (79) ومسلم (2282).
    5- ذكره الإمام الشَّافعيّ في كتاب (اختلاف مالك والشَّافعيّ) وهو ملحق بِمختصر المزنِي ص426 ومسند الإمام الشَّافعيّ ص423 برقم1218)، وأخرجه من طريق الرَّبيع غيرُ واحد.

    منقول

    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    " من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس " رواه الترمذي .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •