قال أبو بكر النجاد: ضقت وقتا من الزمان , فمضيت إلى إبراهيم الحربي , فذكرت له قصتي فقال: أعلم أنني ضقت يوما , حتى لم يبق معي إلا قيراط , فقالت الزوجة: فتش كتبك , وانظر ما لا تحتاج إليه فبعه , فلما صليت العشاء الآخرة جلست في الدهليز أكتب , إذ طرق على الباب طارق , فقلت: من هذا؟ , فقال: كلمني , ففتحت الباب , فقال لي: أطفىء السراج , فطفيتها , فدخل الدهليز فوضع فيه كارة , وقال لي: اعلم أننا أصلحنا للصبيان طعاما , فأحببنا أن يكون لك وللصبيان فيه نصيب , وهذا أيضا شيء آخر , فوضعه إلى جانب الكارة , وقال: تصرفه في حاجتك , وأنا لا أعرف الرجل , وتركني وانصرف , فدعوت الزوجة , وقلت لها: أسرجي فأسرجت , وجاءت , وإذا الكارة منديل له قيمة , وفيه خمسون وسطا , في كل وسط لون من الطعام , وإلى جانب الكارة كيس فيه ألف دينار
قال النجاد : فقمت من عنده , ومضيت إلى قبر أحمد , فزرته , ثم انصرفت , فبينما أنا أمشي على جانب الخندق إذ لقيتني عجوز من جيراننا , فقالت لي: يا أحمد , فأجبتها , فقالت: ما لك مغموم؟ , فأخبرتها , فقالت لي: اعلم أن أمك أعطتني قبل موتها ثلاثمائة درهم , فقالت لي: أخبئي هذه عندك , فإذا رأيت ابني مضيقا مغموما فأعطيه إياها , فتعال معي حتى أعطيك إياها , فمضيت معها , فدفعتها إلي.
المفضلات