بسم الله الرحمن الرحيم
أدعية مأثورة
( اللهم احرسني بعينك التي لا تنام )
"االلهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكْنُفْني بركنك الذي لا يُرام، لا أهْلِكُ وأنت رجائي، رب ! كم من نعمة أنعمت بها عليَّ قلَّ لك عندها شكري، وكم من بَليَّة ابتليتني بها قلَّ لك عندها صبري، فيا من قلَّ عند نعمته شكري ولم يحرمني، ويا من قلَّ عند بَليَّته صبري فلم يخذلني، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبداً، ويا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً، أعني على ديني بدنيا، وعلى آخرتي بتقوى، واحفظني فيماغبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
ينسب هذا الدعاء إلى جعفر بن محمد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ، وهو جعفر الصادق، شيخ بني هاشم في زمنه، وكان يبغض الرافضة ـ قبحهم الله ـ وهو بريء من اختلاقاتهم ونسبتهم إليه براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب ـ عليهما السلام ـ، وكان ـ رحمه الله ـ من أوعية العلم وأهل الديانة والورع.
الحديث رواه البخاري برقم ( 6347 ) ورواه مسلم ( 2707 ). وفي أحد رواته سفيان بن عيينة وقد قال في نهاية الحديث:" الحديث ثلاث، زِدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي "المعاني : الجهد: هو المشقة، ذكر ابن حجر لهذه الجملة أقوال عديدة رأينا أن هذا القول يجمعها كلها:وهو " هو مايختار الموت عليه ". وقال النووي عن درك الشقاء:" يكون في أمور الآخرة والدنيا، ومعناه: أعوذ بك أن يدركني شقاء ". وفسر ابن حجر سوء القضاء بقوله:" عام في النفس والمال والأهل والولد والخاتمة والمعاد، و المراد بالقضاء هنا: المقضِي "
( لا إله إلا الله العظيم الحليم ).
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقول عند الكرب: ( لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم ).
قال النووي: " هو حديث جليل ، ينبغى الاعتناء به، والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة"، قال الطبري : " كان السلف يدعون به ، ويسمونه دعاء الكرب، فإن قيل : هذا ذكر وليس فيه دعاء ، فجوابه من وجهين مشهورين :
أحدهما: أن هذا الذكر يُستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء.
والثاني: جواب سفيان بن عيينة، قال: أما علمت قوله تعالى : [من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين]، وقال الشاعر:
إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تَعرُّضه الثناء " أ.هـ قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: حديث ابن عباس في دعاء الكرب مشتمل على كمال الربوبية لجميع المخلوقات، ويستلزم توحيده، وأنه الذي لا تنبغي العبادة، والخوف، والرجاء إلا له سبحانه وتعالى، وفيه العظمة المطلقة، وهي مستلزمة إثبات كل كمال، وفيه الحلم، وهو مستلزم كمال رحمته وإحسانه.
وهذه الأوصاف في غاية المناسبة لتفريج ما حصل للقلب، وكلما كان الإنسان أشدُ اعتناءًا بذلك، وأكثر ذوقاً ومباشرةظهر له من ذلك ما لم يظهر لغيره.
1- تعلم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم فإنه خير من يدعو ربه.
2- لمعرفة أن الله يسخط ويرضى ويعفو ويعاقب.
الحديث أخرجه الإمام مسلم ونصه عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت افتقدت النبي ذات ليلة، فتحسست فإذا هو راكع أو ساجد يقول: ( سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت )، وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، وهو يقول: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءاً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ).
قال ابن القيم تعليقاً على هذا الحديث: " فاستعذ به منه، وفر منه إليه، واجعل لجأك منه إليه، فالأمر كله له، لا يملك أحد معه منه شيئا، فلا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يذهب بالسيئات إلا هو، ولا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه، ولا يضر سم ولا سحر ولا شيطان ولا حيوان ولا غيره إلا بإذنه ومشيئته، يصيب بذلك من يشاء ويصرفه عمن يشاء.
فأعرفُ الخلقِ به وأقواهم بتوحيده من قال في دعائه: " وأعوذ بك منك " فليس للخلق معاذ سواه، ولا مستعاذ منه إلا وهو ربه وخالقه ومليكه وتحت قهره وسلطانه.
ثم ختم الدعاء بقوله: " لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك " اعترافا بأن شأنه وعظمته ونعوت كماله وصفاته أعظم وأجل من أن يحصيها أحد من الخلق، أو بلغ أحد حقيقة الثناء عليه غيره سبحانه، فهو توحيد في الأسماء والصفات والنعوت، وذاك توحيد في العبودية والتأله وإفراده تعالى بالخوف والرجاء والاستعاذة ".
أخرج هذا الحديث الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، ومعنى قوله ( أصلح لي ديني ) أي اجعله صالحاً بأن يكون خالصاً صواباً، وقوله ( هو عصمة أمري ) يعني الذي أعتصم به من الشر والفتن، وصلاح الآخرة في قوله ( وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي ) أن ينجيك الله من عذاب النار ويدخلك الجنة، ومعنى قوله ( واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر ) أن يوفق الإنسان في الحياة فيزداد خيراً في كل يوم يعيشه، وأن يجعل الله الموت راحة له من كل شر، لأن الإنسان لا يدري ما يصيبه في هذه الدنيا من الفتن التي ربما يفتن بها.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( دعاء ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت ﴿ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87] فإنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
هذا الحديث أخرجه الترمذي في سننه (4/260) وكذا أحمد (ا/170) والحاكم (2/383) وصححه ووافقه الذهبي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( دعاء ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت ﴿ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87] فإنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
فهذا دعاء المؤمنين عامة، وليس ليونس خاصة كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، فأيُّ كربٍ وقع فيه مسلم فليصدق الدعاء لله تعالى بكلمة التوحيد: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فسرعان ما يجد الفرج قريباً.. وهذا يدلنا على قيمة التوحيد، فهو أساس كل خير، فلنعملْ على تحقيق التوحيد، وعلى أن تكون لا إله إلا الله منهج حياة شامل، نخلص بها العبودية لله في الدعاء والقصد والتوجه والطلب والطاعة والانقياد والتحاكم، وبهذا تنفع لا إله إلا الله. وصلِّ اللهم وسلِّمْ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
![]()
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أصاب عبداً همٌ ولا حزنٌ فقال: ( اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أوعلمته أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً ).
روى هذا الحديث الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وصححه.
وهذا الدعاء دعاء فريد يستدعى الانتباه، ويستدعي التفكير وهو جامع للخير حيث يتضمن قوله: "أن تجعل القرآن ربيع قلبي"الاستعاذة من الجفوة والغلظة والانطوائية، ويوحي بأن القرآن غيث غائث، وأن القلوب حياله تتطهر، ويطلب ثبات القلوب وعمارتها بالإيمان، وفيه تشويق لبركةٍ ربانيةٍ تمس القلوب فتكسبها قدرة على التفاعل مع هدايات القرآن.
اختلطت بشاشة هذا الدعاء الخاشع بأفئدة المتقين فانشرحت، وطابت وزكت وتلاقت، وشكلت تجمعاً فريداً قوامه العقيدة، ورباطه الأخوة، وطابعه الحركة المتزنة الرشيدة، فأصبحت هذه القلوب مزدهرة ناضرة يتحقق فيها المثل الكريم ﴿ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [الفتح: 29].
المفضلات