الحلقة الرابعة
من المقال الموسوم بـ
" التحذير من امتهان آيات القرآن
التي في الصحف والمجلات بسائر أنواع الامتهان "
بعد أن علمنا حُرمة استعمال الأوراق بجميع صورها وأشكالها والتي تتضمن شيئاً من كلام الله تعالى أو أسمائه او أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعلِمنا الطريقة الصحيحة في التخلص منها بعد الاستغناء منها؛ يأتي السؤال عند البعض:
ماذا نعمل بمكاتباتنا ورسائلنا، هل نصدرها بالبسملة أم لا ؟
وهل نأثم لو كتبنا البسملة في خطاباتنا ورسائلنا إذا امتهنت من قِبَل البعض ممن تصلهم؟
الجواب يأتي من أهل العلم، فنستعرض بعض فتاواهم في ذلك:
جاء في فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله (2/31ـ32 رقم: 259):
(حكم افتتاح الجرائد بالبسملة وهي تلقى في الشوارع وتداس بالأرجل وتلقى في الزبالات.)
من محمد بن إبراهيم إِلى المكرم محيل بن عاتق المطيري………المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
كتابك لنا بتاريخ 11-10-86 هـ وصل، وقد ذكرت فيه استنكارك ما رأيته من كتابة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في الجرائد وهي ترمى في الشوارع والزبالات وتداس بالأَرجل.
والجواب: أَن كتابة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) مشروعة في أَول كتب العلم والرسائل، فقد جرى على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاتباته، واستمر على ذلك خلفاؤه وأَصحابه من بعده، وسار عليه الناس إِلى يومنا هذا، وقد حث الله تعالى عليها في القرآن فقال جل وعلا: [سورة الفتح الآية 26]: { وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى }
قال الزهري: هي بسم الله الرحمن الرحيم، وذلك أَن الكفار كانوا لا يقرون بها. كما حث على كتابتها رسول الله صلى الله عليه وسلم فروى عبدالقادر الرهاوي في الأَربعين من حديث أَبي هريرة مرفوعًا: (( كُلُّ أَمْر ذِيْ بَال لا يُبْدَأًُ فِيْهِ ببسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيْم فَهُوَ أَقطَعْ ))
رواه الخطيب في جامعه بنحوه.
فيجب تعظيم ما فيه بسم الله الرحمن الرحيم، أَو شيء من القرآن أَو السنة، لقوله تعالى: [سورة الحج الآية 30]: { وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ }
والحرمات: امتثال الأَمر من فرائض وسنن، ومما فرضه احترام كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبسم الله الرحمن الرحيم آية من القرآن في سورة النمل بإِجماع العلماء. وقال تعالى: [سورة الحج الآية 32]: { وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ }
والشعائر: كل شيء لله تعالى فيه أَمر أَشعر به وأَعلم، ومن ذلك كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكما يجب تعظيم ذلك فيشرع للانسان أَن يحرقه إِذا دعت إِليه الحاجة كما فعل عثمان رضي الله عنه فإِنه جمع الناس على مصحف واحد وحرق ما سواه من المصاحف ووافقه الصحابة فكان هذا إِجماعًا منهم.
ومن رأَى أَحدًا يفعل شيئًا من الإِهانة فيجب الإِنكار عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: ( مَن رَأَى مِنكُمْ مُنكَرًا فَليُغَيِّرْهُ بيَدِهِ فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبلِسَانِهِ فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبقَلبهِ وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيْمَان )
وسوف نقوم حول ذلك بما يلزم إِنشاء الله.
والسلام عليكم.
مفتي الديار السعودية.
(ص/ف/2030 في 30/7/87 هـ).
◊ ◊ ◊ ◊ ◊
سؤال: هل يجوز كتابة البسملة على بطاقات الزواج نظراً لأنها ترمي بعد ذلك في الشوارع أو في سلال المهملات ؟
الجواب: يشرع كتابة البسملة في البطاقات وغيرها من الرسائل لما روي عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال: { كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أمر أبتر }؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ رسائله بالتسميه، ولا يجوز لمن يستلم البطاقة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل أو القمامات أو يجعلها في محل يرغب عنه، وهكذا الجرائد وأشباهها لا يجوز امتهانها ولا إلقاؤها في القمامات، ولا جعلها سفرة للطعام ولا ملفا للحاجات لما يكون فيها من ذكر الله - عز وجل - والإثم على من فعل ذلك، أما الكاتب فليس عليه إثم" .
"مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز" (5/426ـ427)، (6/405).
◊ ◊ ◊ ◊ ◊
سؤال: ذكر السائل: أن بعض الجرائد يكتب فيها بسم الله الرحمن الرحيم، وأنها ترمى بالشوارع، وبعض الناس يستعملها للتنظيف، فما حكم ذلك؟
الجواب: " كتابة بسم الله الرحمن الرحيم مشروعة في أول كتب العلم والرسائل، فقد جرى على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكاتباته، واستمر على ذلك خلفاؤه وأصحابه من بعده، وسار عليه الناس إلى يومنا هذا، فتعظيمها وصيانتها واجبان، وإهانتها محرمة، والإثم على من يهينها؛ لأنها آية من كتاب الله جل وعلا وبعض آية من سورة النمل".
وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
إجابة "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" فتوى رقم: (1283).
عضو: عبد الله بن غديان. نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي. الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
◊ ◊ ◊ ◊ ◊
فتوى "اللجنة الدائمة" مختصرة:
"فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي وزير الصحة حسين الجزائري، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 1455 / 2 في 15 / 7 / 99هـ.
والسؤال مفاده: أن الوصفات الطبية كتب على كل ورقة منها ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولكون مصيرها الرمي، وصيانة لاسم الله وحفظه، نلتمس من سماحتكم الفتوى الشرعية الصحيحة؛ صيانة لأسماء ربنا وكتابه وهدي نبيه، وحتى تؤخذ الفتوى قاعدة عامة ينتفع بها، وإن استحسن سماحتكم نشرها في وسائل الإعلام تعميما لفائدتها .
والجواب: تكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول كل ورقة من أوراق الوصفات الطبية؛ لما ورد من الأدلة في فضل كتابتها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتبها في مقدمة رسائله.
وأما كون بعض الأوراق التي تكتب عليها البسلمة قد ترمى في بعض المحلات غير اللائقة فلا حرج على الكاتب في ذلك، وإنما إثم ذلك على من رماها أو امتهنها.
وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم".
إجابة "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" فتوى رقم: (2779) "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/65ـ66).
عضو: عبد الله بن قعود. عبد الله بن غديان. نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي. الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
◊ ◊ ◊ ◊ ◊
وقبل الختام نريد أن نعرف الواجب على كل مسلم .....
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الثلاثاء 25/1/1433هـ.
يتابع ......
المفضلات