لا تظهر للناس أنك تقي .. وقلبك فاجر
إن من الآفات العظيمة التي تنتاب السائر
في طريقه إلى الله – عز وجل –
الانفصال التام.. أو شبه التام بين
الظاهر والباطن.. والسر والعلانية.
أوقل إن شئت بين الصورة التي
رسمناها لأنفسنا وأحببنا أن يرانا الناس
عليها.. وبين حقيقتنا الباطنة..
التي تظهر إذا خلونا بأنفسنا..
وأمنا نظر الخلق علينا.
وتلك – وربي – قاصمة الظهر..
ورزء الدهر.. وبلية العمر.
وعندما يضع العبد منا
وصية لقمان أمام نظريه:
"يابني : اتق الله ولا تري الناس
أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر..
فكم يشعر الإنسان بمرارة هذه الكلمة
كلما عصى الله - عز وجل –..
كلما لبس الإنسان لباسا زورا..
يسارع لخلعه إذا اختلى بمحارم الله".
وصدق – صلى الله عليه وسلم – عندما قال:
"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"
وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي:
قال العلماء:
معناه المتكثر بما ليس عنده..
بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده..
يتكثر بذلك عند الناس، ويتزين بالباطل،
فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور.
قال ابو عبيد وآخرون:
هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع، ومقصوده
أن يظهر للناس أنه متصفٌ بتلك الصفة ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه، فهذه ثيابُ زورٍ ورياءٍ.
وقيل هو كمن لبس ثوبين لغيره وأوهم أنهما له.
وحكي الخطابي قولاً آخر:
أن المراد هنا بالثوب الحالة والمذهب،
والعرب تكني بالثوب عن حال لابسه، ومعناه
أنه كالكاذب القائل ما لم يكن"
شرح النووي على صحيح مسلم 4/291.
وورد في حديث آخر قول النبي (صلى الله عليه وسلم):
"ومن ادَّعى دعوى كاذبةً ليتكثر
بها لم يزده الله تعالى إلا قلة"
رواه مسلم.
قال الإمام النووي:
قال القاضي عياض:
هو عامٌ في كل دعوى يتشبع بها المرء بما لم يعط من مالٍ
يختال في التجمل به من غيره، أو نسبٍ ينتمي إليه،
أو علمٍ يتحلى به، وليس هو من حملته، أو دينٍ يظهره، وليس هو من أهله، فقد أعلم صلى الله عليه وسلم
أنه غيرُ مباركٍ له في دعواه، ولا زاكٍ ما اكتسبه بها"
شرح النووي على
صحيح مسلم 1/223.
المفضلات