آمال عربيد
لم نر تسلحاً عربياً على هذا المستوى عند احتلال فلسطين، أي منذ ستين عاماً! ربما لم يعتقد العرب يومها أن اسرائيل ستصبح عدواً لدوداً مسلحاً بأخطر أنواع الأسلحة النووية يهددهم بالزوال كل حين! بل عُقدت الصفقات مئات المرات على حساب أرضهم المستباحة باستيطان اسرائيلي مستفحل! ولم يتحدوا يوماً ليؤلفوا جيشاً مدججاً بالطائرات والصواريخ لردع اسرائيل من إبادة شعب فلسطين وتشتيته! أو صد توسعها على حساب لبنان وضرب بنيته التحتية واستباحة حدوده وقتل شعبه! ولم يشعر العرب مرة واحدة بالخطر الحقيقي يترصدهم إلا بعد أن أُضع.فت دول عربية وإسلامية (العراق ـ أفغانستان ـ باكستان)، وقويت أخرى كإيران على حسابهم، لتهدد أراضيهم وثرواتهم بسلاحها النووي! عندها شعروا بأن الخطر اقترب من وجودهم أي إلغائهم من قبلها، وبدأوا يعدّون العدة للتسلّح والدفاع عن كيانهم الخليجي! وحسب تقرير معهد استوكهولم لأبحاث السلام في كتاب سيبري لعام 2010، فان التسلح الخليجي بلغ 223 مليار دولار، أي أضعاف التسلح الايراني (9.7 مليارات دولار) بين 2005/2001! والسعودية وحدها أنفقت على استيراد الصناعات الحربية 11 مليار دولار منذ 2008/2005، كما أنعشت موارد السلاح الأميركي من جديد بعد أن انخفض الى 23 مليار دولار في 2009، بينما كان 38 مليار دولار في 2008، في صفقة طائرات وصواريخ بـ60 مليار دولار الأولى من نوعها لدولة عربية! هذا إضافة إلى دول خليجية ضاعفته الى 123 مليار دولار! انها أرقام خيالية ولكنها تُشعر العرب بالقوة الدفاعية رغم أنها لا تفعل مع أي سلاح نووي شيئا مهما بلغت قوتها، وأميركا تعرف هذا! ولكنها استمرت ببيع الأسلحة لهم واستنزاف نفطهم رغم المعاهدات الأمنية المبرمة معها بالدفاع عنهم (عاصفة الصحراء)! وبذلك تكون شكّلت ايران لأميركا أكبر منقذ اقتصادي بتهديدها للعرب وتوعُّدها بضرب أراضيهم، وحوّلت الخطر الاسرائيلي عن مؤتمراتهم المتكررة الى التصدي لأخطار التوسّع الايراني! بل جعلت من اسرائيل الضحية، لذا وجب على كل دول العالم الدفاع عنها وتسليحها والتغاضي عن تسلحها النووي!
هل سيقتنع العرب بعد أن تكبّدوا مئات المليارات بالتسلح بدل إنماء وتطوير شعوبهم الفقيرة، بأنه محرّم عليهم استخدامه تجاه اسرائيل؟ وإلا فسيفني بعضهم بعضا به! ولو كانت إيران تشكل خطراً حقيقياً على منشآتهم النفطية، مورد أميركا الحيوي في المنطقة، هل سمحت لها أميركا بالتمادي في منشآتها النووية؟ إن العرب الآن كبش المحرقة لكل من إيران وإسرائيل، وكل منهما سيحقق أهدافه وأطماعه التوسّعية على حسابهم وبرعاية دولية!
نقلاً عن "القبس" الكويتية
المفضلات