فضل العشر من ذي الحجّة *** أحكام الأضاحي
أحكام عيد الأضحى***
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
أوَّلًا فضل العشر من ذي الحجّة
الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على أشرف المرسلين نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه الطَّيِّبين الطَّاهرين أمَّا بعد،،،
روى البخاري -رحمه الله تعالى- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «ما من أيَّامٍ العمل الصَّالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيَّام يعني العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلُ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيءٍ» [رواه ابن ماجه 1414 وأبو داود 2438 والتِّرمذي 757 وصحَّحه الألباني].
ثانيًا الأعمال الواردة فيها
العمرة والحجّ: العمرة والحجّ من أفضل الأعمال الَّتي يتقرب بها المتقربون إلى المولى -عزَّ وجلَّ- في هذه الأيام عن أبي هريرة -رضي الله عنه قال-: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة» [متفقٌ عليه].
الصِّيام: يستحب صيام عشر ذي الحجّة أو ما يتيسر منهما قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ما من عبدٍ يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النَّار سبعين خريفًا» [متفقٌ عليه واللفظ لمسلم 1153]، وكذلك صيام يوم عرفة لغير الحاج عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن صوم يوم عرفة؟ فقال: «يكفر السَّنة الماضية والباقية» [رواه مسلم 1162].
التَّكبير والذِّكر: يستحب الإكثار من ذكر الله -سبحانه وتعالى- في عشر ذي الحجّة لقوله -تعالى-: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحجّ: 28]، وقد فسرت بأنَّها العشر، وروى اسحاق -رحمه الله- عن فقهاء التَّابعين -رحمهم الله- أنَّهم كانوا يقولون في أيام العشر (الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد) ويستحب رفع الصَّوت بالتَّكبير في الأسواق والدُّور والطُّرق والمساجد وغيرها لقوله -تعالى-: {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [الحجّ: 37]، كما روى البخاري -رحمه الله- عن ابن عمر وعن أبي هريرة -رضي الله عنهما- أنَّهما كانا يخرجان إلى السُّوق في العشر فيكبران ويكبر النَّاس بتكبيرهما ولا يجوز التَّكبير الجماعي وهو الَّذي يجتمع فيه.
الإنفاق: على المسلم البذل والنَّفقة في هذه الأيام محتسبًا الثَّواب والأجر الَّذي أعدَّه الله -سبحانه وتعالى- للمنفقين في سبيله عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الحجاج و العمار وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم» [حسَّنه الألباني 3173 في صحيح الجامع].
الأعمال الصَّالحة: أحباؤنا في الله عليكم بزيادة الأعمال الصَّالحة في هذه الأيام من نوافل العبادات كالصَّلاة والصَّدقة والجهاد وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر ونحو ذلك فإنَّها من الأعمال الَّتي تضاعف في هذه الأيام، وكذلك عليكم أحباؤنا في الله التَّوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنُّوب حتَّى يترتب على الأعمال المغفرة والرَّحمة، المعاصي سبب البعد والطَّرد والطَّاعات أسباب القرب والودِّ.
ثالثًا أحكام الأضحية
الحمد لله ربِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على عبده ورسوله الآمين. وبعد:
فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى وجوب الأضحية على الموسر والأصل في مشروعيتها الكتاب والسُّنَّة:
أمَّا الكتاب قوله -تعالى-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، قال بعض المفسرين المراد به الأضحية بعد صلاة العيد، وأمَّا السُّنَّة لما روي عن أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «من كان له سعةٌ ولم يضحِّ فلا يقربن مصلانا» [رواه ابن ماجه 2549 وحسَّنه الألباني].
فضل الأضحية: الأضحية من القربات العظيمة ومنَ الطَّاعات ذات الثَّواب الجزيل في الآخرة، قال -تعالى-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحجّ: 37].
وقتها: بعد صلاة العيد إلى آخر أيَّام التَّشريق لما روي عن جندب بن سفيان -رضي الله عنه- قال: فإني شهدت الأضحى مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فلمَّا قضى صلاته بالنَّاس نظر إلى غنمٍ قد ذبحت فقال: «من ذبح قبل الصَّلاة فليذبح شاةً مكانها، ومن لم يكن ذبح، فليذبح على اسم الله» [متفقٌ عليه واللفظ لمسلم 1960].
أسمنها: لحديث أبي أمامة بن سهل قال: "كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون".
عيوب الأضحية: لا تجزئ من الضَّأن إلا الجذع وهو ماله ستَّة أشهر ومن المعز ماله سنة كاملة ومن البقر ماله سنتان، ومن الإبل ماله خمس سنين، ولا يجزئ من ذلك إلا ما كان سليمًا من العيوب، فعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: «أربع لا يجزن: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، و الكسيرة الَّتي لا تنقي» [رواه النَّسائي 4381 وابن ماجه 2562 وصحَّحه الألباني].
الكبيرة الَّتي لا تنقي أي لا مخّ لها.
وإذا كان القطع نصف الأذن فما دون أجزأ وما زاد على النِّصف فلا يجزئ في قول أكثر أهل العلم، والخرق إذا ذهب بجزء منها فهو كالقطع، وأما الشّرم فيجزئ ولو جاوز النِّصف عن أبي رافع قال: «ضحى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بكبشين أملحين موجوءين خصيين» [حسَّنه الألباني 4/360 في إرواء الغليل]، وأن يأكل المضحي من أضحيته ويتصدق ببعضها لقوله -تعالى-: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحجّ: 36].
- أجمع العلماء على جواز التَّضحية من جميع بهيمة الأنعام لفعل النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأجمع أهل العلم على جواز توكيل الغير في الهدي والأضحية؛ لأنَّ الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وكل عليًّا -رضي الله عنه- من ذبح سبعة وثلاثون بدنة من هديه بعد أن ذبح بنفسه -صلَّى الله عليه وسلَّم- ثلاثًا وستون بدنة.
- أن يقول عند الذَّبح: "بسم الله والله أكبر" ويقول: "اللهم هذا منك وإليك".
- أن يقول عند الذَّبح في المصلى أفضل لحديث ابن عمر عند البخاري وغيره عنِ النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يذبح وينحر بالمصلَّى.
- مسألة التَّوقف عن قصِّ الشَّعر:
على المضحي أن لا يأخذ من شعره وظفره بعد دخول عشرة ذي الحجّة حتّى يضحي لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- عند مسلم وغيره أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره» [رواه مسلم 1977].
قال ابن قدامة في المغني: "فإن فعل ذلك عامدًا أو ناسيًا فلا شيء عليه وقيل يكره له ذلك ولايحرم"، ولعلَّه الأرجح لما فيه من التَّيسير وموافقة الجمهور.
- فوائد من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية:
الأولى: تجوز الأضحية عن الميت كما يجوز الحجّ عنه والصَّدقة عنه.
الثَّانية: يتصدق بثلث الأضحية ويهدي ثلثها وإن كل أكثرها أو أهداه أو طبخه وإن دعا النَّاس إليه جاز.
الثَّالثة: إن ضحى بشاٍة واحدةٍ عنه وعن أهل بيته أجزأ ذلك في أظهر قولي العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد، فإن الصَّحابة كانوا يفعلون ذلك.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر الله أكبر
المفضلات