هكذا وصل الحال معاملة الأبناء للآباء نسئل الله العفو والعافيه
جمعتني الصدفة مع رجل يتراوح عمره بين نهاية الستينيات وبداية السبعينيات في احد مستشفيات الكويت، فبادرته بالسلام وقلت له كيف حالك يا عمي؟ وعسى ما شر؟ فأجاب بخير وسلامتك «الخادم» عندي مريض وتعبان، فسألته ما في احد من اولادك يأخذه فأنت يبدو التعب عليك، والوقت متأخر وكما تلاحظ فإن المستشفى مزدحم؟
فنزلت دمعة من عينيه وقال يا ولدي «لا تقلب المواجع»، فأجبته براحتك عمي وآسف اني ضايقتك، قال «ياولدي من كثر همي احس بضيقة» فأجبته «فضفض» عمي اللي بقلبك وارتاح، امامنا 22 رقما قبل ان يأتي دورنا، قال يا ولدي «سامي» بعد ان عرفته باسمي وعرفني باسمه، ان حياتي دمرت بسبب طمع اولادي، وقد حباني الله سبحانه وتعالى بالخير الكثير، وكنت اظن ان وفرة المال ستجلب السعادة لي ولاسرتي، فعملت واجتهدت وسافرت الى ان تكونت لدي ثروة كبيرة، واصبح لدي كل شيء اتمناه من الاموال والعقارات، فقلت له: الله يزيد ويبارك، واضاف: ان لدي مجموعة من الاصدقاء المخلصين، اعرفهم من خمسين عاما نخرج ونسافر معا، فنزلت دمعة من عينه ومسحها «بطرف غترته» لقد ذهبوا عني وتركوني وحيدا ولا اجد من اشكو له همي، انني افتقدهم بشدة، قلت ببراءة يردون بالسلامة ان شاء الله، فقال يا ولدي لقد مات معظمهم، فثلاثة منهم انقلبت بهم السيارة وهم راجعون من العمرة قبل 3 سنوات، والرابع بونايف يعالج في الخارج وحسب ما عرفته فإن شفاءه ميئوس منه، واتمنى ان يرجع الى الكويت حتى احضنه واقبله واشوفه قبل ان يموت، فأجبته الله يرحمهم ويغفر لهم بإذنه تعالى ويشفي بونايف، وقلت الله يسلم «ام العيال» فهي تستطيع ان تشيل عنك هذا الهم، فقال ام العيال وشريكة حياتي انتقلت الى رحمة الله تعالى قبل سنة ونصف، لقد اسودت الدنيا في عيني بعد وفاتها، لقد عانت معي ووقفت معي في احلك الظروف، كانت نعم المعين والسند والزوجة المحافظة على بيتها واسرتها، انت تدري بأن الرجل في سني يصبح مثل الطفل بحاجة الى انيس وونيس، وانا افتقدها وازور قبرها كل فترة، باختصار يا ولدي «سامي» لقد قمت ببيع جميع ما املك ووزعته على اولادي والحمد لله كانوا فرحين جدا، وكذلك على اخواني واخواتي كنوع من المساعدة لهم، ولكن بعد فترة شعرت ان اولادي يريدون مني ان ابيع بيتي الذي اسكن فيه، ولم يكتفوا بما نالوه من نصيب، مع العلم بأن كل من يشاهد بيتي من الخارج، يعتقد بأن ساكنيه في قمة السعادة، لقد انقطعوا عن زيارتي يوم الجمعة كنوع من الضغط علي، ويتعللون دائما بالظروف او الاولاد وغيرها من الاعذار، واجلس على السفرة لاقناع نفسي بأنهم سيعملون مفاجأة ويدخلون علي مع «احفادي» الذين اعشقهم لحد الجنون، ولكن كالعادة يخيب ظني فأنادي الخدم للجلوس معي وتناول الطعام معي، يا ولدي ماذا افعل؟ لا ادري ماذا افعل؟ هل ابيع البيت حتى يرتاحوا؟ ام اسافر واتركهم؟ هل اتزوج مع ان عمري لا يسمح بذلك؟ وماذا يقول الناس؟
قلت له لماذا لا تكلم اخوانك ليحلوا هذه المشكلة؟ فأجاب بحسرة لقد فعلت ولكن اولادي يرفضون الحلول، ان سبب هذه المشاكل بيني وبين اولادي هو زوجاتهم، فقد كنت نعم الابن البار لوالدي، ما الذي يحصل هل هو ابتلاء؟ وجاء دوري في الدخول على الطبيب وقبلته على «رأسه» وقلت له ربي يفرج همك، ويرجع اولادك الى صوابهم، وسأتصل بك يوما ما لأسمع الاخبار الطيبة عنك، واستأذنته ان انشر قصته لتكون عبرة للغير فقال لك ما تريد ولكن دون ذكر الاسم أو المنطقة او اي تلميحات اخرى تشير الى شخصيتي.
عزيزي القارئ لا تعليق لدي على هذه القصة، والحكم لك فيالأب. القرار الذي يجب ان يتخذه